الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَشَدَدۡنَا مُلۡكَهُۥ وَءَاتَيۡنَٰهُ ٱلۡحِكۡمَةَ وَفَصۡلَ ٱلۡخِطَابِ} (20)

أخرج عبد بن حميد والحاكم عن مجاهد رضي الله عنه { وشددنا ملكه } قال : كان أشد ملوك أهل الدنيا لله سلطاناً { وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب } قال : ما قال من شيء أنفذه وعدله في الحكم .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ادعى رجل من بني إسرائيل عند داود عليه السلام قتل ولده فسأل الرجل على ذلك فجحده ، فسأل الآخر البينة فلم تكن بينة فقال لهما داود عليه السلام : قوما حتى أنظر في أمركما ، فقاما من عنده ، فأتى داود عليه السلام في منامه فقيل له : أقتل الرجل الذي استعدى ، فقال : إن هذه رؤيا ولست أعجل حتى أثبت ، فأتى الليلة الثانية في منامه فقيل له : أقتل الرجل ، فلم يفعل . ثم أتى الليلة الثالثة فقيل له : أقتل الرجل ، أو تأتيك العقوبة من الله تعالى ، فأرسل داود عليه السلام إلى الرجل فقال : إن الله أمرني أن أقتلك فقال : تقتلني بغير بينة ولا تثبت قال : نعم . والله لأنفذن أمر الله فيك فقال له الرجل : لا تعجل عليَّ حتى أخبرك . إني ما أخذت بها الذنب ، ولكني كنت اغتلت والد هذا فقتلته ، فبذلك أخذت ، فأمر به داود عليه السلام فقتل ، فاشتدت هيبته في بني إسرائيل وشدد به ملكه . فهو قول الله تعالى { وشددنا ملكه } .

وأخرج ابن جرير والحاكم عن السدي رضي الله عنه في قوله { وشددنا ملكه } قال : كان يحرسه كل يوم وليلة أربعة آلاف وفي قوله { وآتيناه الحكمة } قال : النبوة { وفصل الخطاب } قال : علم القضاء .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما { وآتيناه الحكمة } قال : أعطي الفهم .

وأخرج سعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه { وآتيناه الحكمة } قال : الصواب { وفصل الخطاب } قال : الإِيمان والشهود .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر عن مجاهد رضي الله عنه { فصل الخطاب } قال : إصابة القضاء وفهمه .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر عن أبي عبد الرحمن رضي الله عنه { وفصل الخطاب } قال : فصل القضاء .

وأخرج عبد بن حميد وابن المنذر عن الحسن رضي الله عنه { وفصل الخطاب } قال : الفهم في القضاء .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير والبيهقي عن شريح رضي الله عنه { وفصل الخطاب } قال : الشهود والإِيمان .

وأخرج البيهقي عن أبي عبد الرحمن السلمي رضي الله عنه .

إن داود عليه السلام أمر بالقضاء ، فقطع به ، فأوحى الله تعالى إليه : أن استحلفهم باسمي ، وسلهم البينات قال : فذلك { فصل الخطاب } .

وأخرج ابن جرير والبيهقي عن قتادة رضي الله عنه { وفصل الخطاب } قال : البينة على المدعي ، واليمين على المدعى عليه .

وأخرج ابن جرير عن الشعبي رضي الله عنه في قوله { وفصل الخطاب } قال : هو قول الرجل : أما بعد .

وأخرج ابن أبي حاتم والديلمي عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال : أول من قال « أما بعد » داود عليه السلام ، وهو فصل الخطاب .

وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة وابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر عن الشعبي رضي الله عنه أنه سمع زياد بن أبي سفيان رضي الله عنه يقول { فصل الخطاب } الذي أوتي داود عليه السلام أما بعد .