وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله { وقليل ما هم } يقول : قليل الذين هم فيه . وفي قوله { إنما فتناه } قال : اختبرناه .
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { وظن داود } قال علم داود .
وأخرج ابن جرير عن قتادة رضي الله عنه { وظن داود أنما فتناه } قال : ظن إنما ابتلي بذلك .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير رضي الله عنه قال : إنما كان فتنة داود عليه السلام النظر .
وأخرج ابن المنذر عن ابن جريج رضي الله عنه في قوله { وخر راكعاً } قال : ساجداً .
وأخرج عبد بن حميد عن كعب رضي الله عنه قال : سجد داود نبي الله أربعين يوماً ، وأربعين ليلة لا يرفع رأسه حتى رقأ دمعه ويبس ، وكان من آخر دعائه وهو ساجد أن قال : يا رب رزقتني العافية فسألتك البلاء ، فلما ابتليتني لم أصبر ، فإن تعذبني فأنا أهل ذاك ، وإن تغفر لي فأنت أهل ذاك .
قال : وإذا جبريل عليه السلام قائم على رأسه ، قال : يا داود إن الله قد غفر لك ، فارفع رأسك ، فلم يلتفت إليه ، وناجى ربه وهو ساجد فقال : يا رب كيف تغفر لي وأنت الحكم العدل ؟ قال « إذا كان يوم القيامة دفعتك إلى أوريا ، ثم أستوهبك منه ، فيهبك لي ، وأثيبه الجنة قال : يا رب الآن علمت أنك قد غفرت لي ، فذهب يرفع رأسه ، فإذا هو يابس لا يستطيع ، فمسحه جبريل عليه السلام ببعض ريشه فانبسط ، فأوحى الله تعالى إليه بعد ذلك : يا داود قد أحللت لك امرأة أوريا ، فتزوجها فولدت له سليمان عليه الصلاة والسلام . لم تلد قبله ولا بعده » قال كعب رضي الله عنه : فوالله لقد كان داود بعد ذلك يظل صائماً اليوم الحار ، فيقرب الشراب إلى فيه ، فيذكر خطيئته ، فينزل دمعه في الشراب حتى يفيضه ، ثم يرده ولا يشربه .
وأخرج أحمد وعبد بن حميد عن يونس بن خباب رضي الله عنه أن داود عليه السلام بكى أربعين ليلة ، حتى نبت العشب حوله من دموعه ، ثم قال : يا رب قرح الجبين ، ورقا الدمع ، وخطيئتي عليَّ كما هي ، فنودي : أن يا داود أجائع فتطعم ، أم ظمآن فتسقى ، أم مظلوم فتنصر ، فنحب نحبة هاج ما هنالك من الخضرة ، فغفر له عند ذلك .
وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد عن عبيد بن عمير الليثي رضي الله عنه ، أن داود عليه السلام سجد حتى نبت ما حوله خضراً من دموعه ، فأوحى الله إليه : أن يا داود سجدت أتريد أن أزيدك في ملكك ، وولدك ، وعمرك ؟ فقال : يا رب أبهذا ترد عليَّ ؟ أريد أن تغفر لي .
وأخرج أحمد في الزهد والحكيم الترمذي عن الأوزاعي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « مثل عيني داود كالقربتين ينطفان ماء ، ولقد خددت الدموع في وجهه خديد الماء في الأرض » .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد من طريق عطاء بن السائب عن أبي عبد الله الجدلي قال : ما رفع داود عليه السلام رأسه إلى السماء بعد الخطيئة حتى مات .
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد وعبد بن حميد عن صفوان بن محرز قال : كان لداود عليه السلام يوم يتأوّه فيه يقول : أوه من عذاب الله ، أوه من عذاب الله ، أوه من عذاب الله ، قيل لا أوه .
وأخرج ابن مردويه عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لما أوحى الله إلى داود عليه السلام : ارفع رأسك فقد غفرت لك فقال : يا رب كيف تكون هذه المغفرة وأنت قضاء بالحق ، ولست بظلام للعبيد ؟ ورجل ظلمته ، غصبته ، قتلته ، فأوحى الله تعالى إليه : بلى يا داود إنكما تجتمعان عندي ، فاقضي له عليك ، فإذا برز الحق عليك أستوهبك منه ، فوهبك لي وأرضيته من قبلي ، وأدخلته الجنة ، فرفع داود رأسه ، وطابت نفسه ، وقال : نعم . يا رب هكذا تكون المغفرة » .
وأخرج عبد الله بن أحمد في زوائد الزهد وابن جرير عن مجاهد قال : لما أصاب داود الخطيئة { خر ساجداً } أربعين ليلة ، حتى نبت من دموع عينيه من البقل ما غطى رأسه ، ثم نادى رب قرح الجبين ، وجمدت العين ، وداود لم يرجع إليه في خطيئته شيء . فنودي أجائع فَتُطعَم ؟ أم مريض فتشفى ؟ أم مظلوم فتنصر ؟ فنحب نحباً هاج منه نبت الوادي كله ، فعند ذلك غفر له ، وكان يؤتى بالاناء ، فيشرب فيذكر خطيئته ، فينتحب فتكاد مفاصله تزول بعضها من بعض ، فما يشرب بعض الاناء حتى يمتلئ من دموعه ، وكان يقال دمعة داود عليه السلام تعدل دمعة الخلائق ، ودمعة آدم عليه السلام تعدل دمعة داود ودمعة الخلائق ، فيجيء يوم القيامة مكتوبة بكفه يقرأها يقول : ذنبي ذنبي . . فيقول رب قدمني ، فيتقدم فلا يأمن ، ويتأخر فلا يأمن ، حتى يقول تبارك وتعالى : خذ بقدمي .
وأخرج أحمد في الزهد عن علقمة بن يزيد قال : لو عدل بكاء أهل الأرض ببكاء داود ما عدله ، ولو عدل بكاء داود وبكاء أهل الأرض ببكاء آدم عليه السلام حين أهبط إلى الأرض ما عدله .
وأخرج أحمد عن إسماعيل بن عبد الله بن أبي المهاجر ، أن داود عليه السلام كان يعاتب في كثرة البكاء ، فيقول : ذروني أبكي قبل يوم البكاء ، قبل تحريق العظام ، واشتعال اللحى ، وقبل أن يؤمر بي { ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون } [ التحريم : 6 ] .
وأخرج أحمد والحكيم الترمذي وابن جرير عن عطاء الخراساني أن داود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكيلا ينساها ، وكان إذا رآها اضطربت يداه .
وأخرج عن مجاهد قال : يحشر داود عليه السلام . سبحانك إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت عليَّ الأرض برحبها ، وإذا ذكرت رحمتك ارتدت إليَّ روحي ، سبحانك إلهي ! فكلهم [ رآني ] عليل بذنبي .
وأخرج أحمد عن ثابت قال : اتخذ داود عليه السلام سبع حشايا من سعد ، وحشاهن من الرماد ، ثم بكى حتى أنفذها دموعاً ، ولم يشرب شراباً إلا مزجه بدموع عينيه .
وأخرج أحمد عن وهب بن منبه قال : بكى داود عليه السلام حتى خددت الدموع في وجهه ، واعتزل النساء ، وبكى حتى رعش .
وأخرج أحمد عن مالك بن دينار قال : إذا خرج داود عليه السلام من قبره ، فرأى الأرض ناراً ، وضع يده على رأسه وقال : خطيئتي اليوم موبقتي .
وأخرج عن عبد الرحمن بن جبير ، أن داود عليه السلام كان يقول : اللهم ما كتبت في هذا اليوم من مصيبة ، فخلصني منها ثلاث مرات ، وما أنزلت في هذا اليوم من خير ، فائتني منه نصيباً ثلاث مرات ، وإذا أمسى قال مثل ذلك ، فلم ير بعد ذلك مكروهاً .
وأخرج أحمد عن معمر ؛ أن داود عليه السلام لما أصاب الذنب قال : رب كنت أبغض الخطائين ، فأنا اليوم أحب أن تغفر لهم .
وأخرج عبد الله ابنه والحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن سعيد بن أبي هلال . أن داود عليه السلام كان يعوده الناس ، وما يظنون إلا أنه مريض ، وما به إلا شدة الفرق من الله سبحانه وتعالى .
وأخرج ابن أبي شيبة عن كعب قال : كان داود عليه السلام إذا أفطر استقبل القبلة . وقال : اللهم خلصني من كل مصيبة نزلت من السماء ثلاثاً ، وإذا طلع حاجب الشمس قال : اللهم اجعل لي سهماً في كل حسنة نزلت الليلة من السماء إلى الأرض ثلاثاً .
وأخرج أحمد والبخاري وأبو داود والترمذي والنسائي وابن مردويه والبيهقي في سننه عن ابن عباس أنه قال : في السجود في { ص } ليست من عزائم السجود ، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها .
وأخرج النسائي وابن مردويه بسند جيد عن ابن عباس « أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في { ص } وقال : سجدها داود ، ونسجدها شكراً » .
وأخرج ابن أبي شيبة والبخاري عن العوام قال : سألت مجاهداً عن سجدة « ص » فقال : سألت ابن عباس من أين سجدت ؟ فقال : أو ما تقرأ { ومن ذريته داود وسليمان } [ الأنعام : 84 ] إلى قوله { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } فكان داود ممن أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم أن يقتدي به ، فسجد بها داود عليه السلام ، فسجدها رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وأخرج سعيد بن منصور عن الحسن قال : " رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسجد في « ص » حتى نزلت { أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده } [ الأنعام : 90 ] فسجد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم " .
وأخرج الترمذي وابن ماجة والطبراني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال : جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله إني رأيت في هذه الليلة فيما يرى النائم كأني أصلي عند شجرة ، وكأني قرأت سورة السجدة ، فسجدت فرأيت الشجرة سجدت بسجودي ، وكأني أسمعها وهي تقول اللهم اكتب لي بها عندك ذكراً ، وضع عني بها وزراً ، واجعلها إليّ عندك ذخراً ، وأعظم بها أجراً ، وتقبل مني كما تقبلت من عبدك داود . قال ابن عباس فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدة ، فسمعته يقول في سجوده كما أخبر الرجل عن قول الشجرة .
وأخرج ابن مردويه عن أبي هريرة ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في " ص "
وأخرج ابن مردويه عن السائب بن يزيد قال : صليت خلف عمر الفجر فقرأ بنا سورة « ص » فسجد فيها ، فلما قضى الصلاة قال له رجل : يا أمير المؤمنين ومن عزائم السجود هذه ؟ فقال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجد فيها .
أخرج ابن مردويه عن أنس . أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في « ص » .
وأخرج الدارمي وأبو داود وابن خزيمة وابن حبان والدارقطني والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في سننه عن أبي سعيد الخدري قال : « قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر " ص " فلما بلغ السجدة ، نزل فسجد وسجد الناس معه ، فلما كان آخر يوم قرأها ، فلما بلغ السجدة تهيأ الناس للسجود فقال : إنما هي توبة نبي ، ولكني رأيتكم تهيأتم للسجود ، فنزل فسجد » .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ سورة " ص " وهو على المنبر ، فلما أتى على السجدة قرأها ، ثم نزل فسجد » .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة عن سعيد بن جبير ، أن عمر بن الخطاب كان يسجد في « ص » .
وأخرج ابن أبي شيبة عن ابن عمر قال : في « ص » سجدة .
وأخرج سعيد بن منصور وابن أبي شيبة والطبراني والبيهقي في سننه عن ابن مسعود ، أنه كان لا يسجد في « ص » ويقول : إنما هي توبة نبي ذكرت .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي العالية قال : كان بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسجد في « ص » وبعضهم لا يسجد ، فأي ذلك شئت فافعل .
وأخرج ابن أبي شيبة عن أبي مريم قال : لما قدم عمر الشام أتى محراب داود عليه السلام ، فصلى فيه ، فقرأ سورة « ص » فلما انتهى إلى السجدة سجد .
وأخرج أحمد والحاكم وصححه وابن مردويه والبيهقي في الدلائل عن أبي سعيد ، أنه رأى رؤيا أنه يكتب « ص » فلما انتهى إلى التي يسجد بها ، رأى الدواة ، والقلم ، وكل شيء بحضرته انقلب ساجداً ، فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يسجد بها بعد .
وأخرج أبو يعلى عن أبي سعيد قال : « رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة ، وكأن الشجرة تقرأ " ص " فلما أتت على السجدة ، سجدت فقالت في سجودها : اللهم اغفر لي بها ، اللهم حط عني بها وزراً ، واحدث لي بها شكراً ، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته ، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال : " سجدت أنت يا أبا سعيد ؟ فقلت : لا فقال : أنت أحق بالسجود من الشجرة ، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم " ص " ثم أتى على السجدة ، وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها » .
وأخرج الطبراني والخطيب عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « السجدة التي في " ص " سجدها داود توبة ، ونحن نسجدها شكراً » .
وأخرج الطبراني عن ابن عباس قال : دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في سفره وهو يقرأ « ص » فسجد فيها .