الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّا سَخَّرۡنَا ٱلۡجِبَالَ مَعَهُۥ يُسَبِّحۡنَ بِٱلۡعَشِيِّ وَٱلۡإِشۡرَاقِ} (18)

أخرج عبد بن حميد عن قتادة رضي الله عنه { إنا سخرنا الجبال معه يسبحن } قال : يسبحن معه إذا سبح { بالعشي والإِشراق } قال : إذا أشرقت الشمس .

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله عز وجل { بالعشي والإِشراق } قال : إذا أشرقت الشمس وجبت الصلاة قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم . أما سمعت الأعشى وهو يقول :

لم ينم ليلة التمام لكي *** يصيح حتى إضاءة الإشراق

وأخرج عبد الرزاق وعبد بن حميد عن عطاء الخراساني أن ابن عباس قال : لم يزل في نفسي من صلاة الضحى شيء حتى قرأت هذه الآية { سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشي والإشراق } .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : كان ابن عباس رضي الله عنهما لا يصلي الضحى ، ويقول : أين هي في القرآن ؟ حتى قال بعد هي قول الله { يسبحن بالعشي والإِشراق } هي الإِشراق فصلاها ابن عباس رضي الله عنهما بعد .

وأخرج ابن المنذر وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : لقد أتى علي زمان وما أدري ما وجه هذه الآية { يسبحن بالعشي والإِشراق } قال : رأيت الناس يصلون الضحى .

وأخرج الطبراني في الأوسط وابن مردويه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : كنت أمر بهذه الآية { يسبحن بالعشي والإِشراق } فما أدري ما هي حتى حدثتني أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها . ذكرت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم فتح مكة صلاة الضحى ثمان ركعات ، فقال ابن عباس رضي الله عنهما : قد ظنت أن لهذه الساعة صلاة لقول الله تعالى { يسبحن بالعشي والإِشراق } .

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحارث قال : دخلت على أم هانئ رضي الله عنها فحدثتني : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى ، فخرجت فلقيت ابن عباس رضي الله عنهما فقلت : انطلق إلى أم هانئ ، فدخلنا عليها فقلت : حدثني ابن عمك عن صلاة النبي صلى الله عليه وسلم الضحى ، فحدثته فقال : تأول هذه الآية صلاة الإِشراق ، وهي صلاة الضحى .

وأخرج ابن مردويه من طريق مجاهد عن سعيد عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت : « دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وقد علاه الغبار ، فأمر بقصعة ، فإني أنظر إلى أثر العجين ، فسكبت فيها ، فأمر بثوب فيما بيني وبينه ، فاستتر ، فقام فأفاض عليه الماء ، ثم قام فصلى الضحى ثمان ركعات قال مجاهد : فحدثت ابن عباس رضي الله عنهما بهذا الحديث فقال : هي صلاة الإِشراق » .

وأخرج ابن مردويه عن عبد الله بن الحرث رضي الله عنه قال : سألت عن صلاة الضحى في إمارة عثمان بن عفان ، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرون ، فلم أجد أحداً أثبت لي صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أم هانئ قالت : رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاها مرة واحدة ، ثمان ركعات ، يوم الفتح في ثوب واحد ، مخالفاً بين طرفيه ، لم أره صلاها قبلها ولا بعدها .

فذكرت ذلك لابن عباس رضي الله عنهما فقال : إني كنت لأمر على هذه الآية { يسبحن بالعشي والإِشراق } فأقول أي صلاة صلاة الإِشراق ؟ فهذه صلاة الإِشراق .

وأخرج ابن جرير والحاكم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضي الله عنهما ؛ كان لا يصلي الضحى حتى أدخلناه على أم هانئ ، فقلنا لها : أخبري ابن عباس رضي الله عنهما بما أخبرتنا به . فقالت : دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي ، فصلى الضحى ثمان ركعات . فخرج ابن عباس رضي الله عنهما وهو يقول : لقد قرأت ما بين اللوحين ، فما عرفت صلاة الإِشراق إلا الساعة { يسبحن بالعشي والإِشراق } .

وأخرج سعيد بن منصور عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : طلبت صلاة الضحى في القرآن ، فوجدتها { بالعشي والإِشراق } .

وأخرج البخاري في تاريخه والحاكم وصححه وابن مردويه والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يحافظ على صلاة الضحى إلا أواب ، هي صلاة الأوابين » .

وأخرج الأصبهاني في الترغيب عن أنس رضي الله عنه قال : أوصاني خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « يا أنس صل صلاة الضحى ، فإنها صلاة الأوابين » .

وأخرج ابن أبي شيبة ومسلم والطبراني عن زيد بن أرقم رضي الله عنه « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أهل قباء ، وهم يصلون الضحى . وفي لفظ وهم يصلون بعد طلوع الشمس ، فقال صلاة الأوابين إذا رمضت الفصال » .

وأخرج البيهقي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا يحافظ على سبحة الضحى إلا أواب » .

وأخرج الترمذي وابن ماجة عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى الضحى اثنتي عشرة ركعة بنى له الله في الجنة قصراً من ذهب » .

وأخرج أبو نعيم عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « صلِ صلاة الضحى فإنها صلاة الأوابين » .

وأخرج حميد بن زنجويه في فضائل الأعمال ، والبيهقي في شعب الإِيمان ، عن الحسن بن علي قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى الفجر ، ثم جلس في مصلاه يذكر الله حتى تطلع الشمس ، ثم صلى من الضحى ركعتين حرمه الله على النار أن تلفحه أو تطعمه » .

وأخرج حميد بن زنجويه والطبراني والبيهقي عن عتيبة بن عبد الله السلمي وأبي أمامة الباهلي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : « من صلى الصبح في مسجد جماعة ، ثم ثبت فيه حتى يسبح تسبيحة الضحى ، كان له كأجر حاج أو معتمر ، قام له حجته وعمرته » .

وأخرج أبو داود والطبراني والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال « من قعد في مصلاه حين ينصرف من صلاة الصبح حتى يصبح ركعتي الضحى لا يقول إلا خيراً غفر له خطاياه وإن كانت أكثر من زبد البحر » .

وأخرج الطبراني عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين ، ومن صلى أربعاً كتب من العابدين ، ومن صلى ستاً كفي ذلك اليوم ، ومن صلى ثمانياً كتب من القانتين ، ومن صلى إثنتي عشرة بنى الله له بيتاً في الجنة »

وأخرج حميد بن زنجويه والبزار والبيهقي عن أبي ذر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين ، وإن صليتها أربعاً كنت من المحسنين ، وإن صليتها ستاً كتبت من القانتين ، وإن صليتها ثمانياً كتبت من الفائزين ، وإن صليتها عشراً لم يكتب لك ذلك اليوم ذنب ، وإن صليتها إثنتي عشرة بنى الله لك بيتاً في الجنة » .

وأخرج ابن أبي شيبة والترمذي وأحمد وابن ماجة عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « من حافظ على سبحة الضحى غفر له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر » .