الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمۡۗ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (136)

أخرج ابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي في سننه عن ابن عباس في قوله { وجعلوا لله مما ذرأ } الآية . قال : جعلوا لله من ثمارهم ومائهم نصيباً وللشيطان والأوثان نصيباً ، فأن سقط من ثمرة ما جعلوا لله في نصيب الشيطان تركوه ، وإن سقط مما جعلوا للشيطان في نصيب الله ردوه إلى نصيب الشيطان ، فإن انفجر من سقى ما جعلوا لله في نصيب الشيطان تركوه ، وإن انفجر من سقى ما جعلوا للشيطان في نصيب الله سرحوه ، فهذا ما جعل لله من الحرث وسقي الماء ، وأما ما جعلوه للشيطان من الأنعام فهو قول الله { ما جعل الله من بحيرة } [ المائدة : 103 ] الآية .

وأخرج ابن أبي حاتم من طريق العوفي عن ابن عباس في قوله { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيباً } الآية . قال : كانوا إذا احترثوا حرثاً أو كانت لهم ثمرة جعلوا لله منه جزأ وجزأ للوثن ، فما كان من حرث أو ثمرة ، أو شيء من نصيب الأوثان حفظوه وأحصوه ، فإن سقط منه شيء مما سمي للصمد ردوه إلى ما جعلوه للوثن ، وإن سبقهم الماء الذي جعلوه للوثن فسقي شيئاً مما جعلوه لله جعلوه للوثن وإن سقط شيء من الحرث والثمرة الذي جعلوه لله فاختلط بالذي جعلوه للوثن قالوا : هذا فقير ولم يردوه إلى ما جعلوا لله ، وإن سبقهم الماء الذي سموا لله فسقي ما سموا للوثن تركوه للوثن ، وكانوا يحرمون من أنعامهم البحيرة ، والسائبة ، والوصيلة ، والحامي ، فيجعلونه للأوثان ويزعمون أنهم يحرمونه لله .

وأخرج ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد في قوله { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث } قال : يسمون لله جزأ من الحرث ، ولشركائهم وأوثانهم جزأ فما ذهبت به الريح مما سموا لله إلى جزء أوثانهم وتركوه وقالوا : إن الله عن هذا غني ، وما ذهبت به الريح من جزء أوثانهم إلى جزء الله أخذوه ، والأنعام التي سموا لله : البحيرة والسائبة .