الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمۡۗ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (136)

قوله : { وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث ( والأنعام نصيبا ){[21948]} } الآية [ 137 ] .

المعنى : أنه حكاية عما كان يعمل أهل الجاهلية .

كانوا يجعلون لله نصيبا من حرثهم وأنعامهم ، ولآلهتهم وشياطينهم ( نصيبا ، وهو ){[21949]} شركاؤهم{[21950]} من الأوثان والشياطين : قال ابن عباس : كانوا يجعلون الطعام حُزَما{[21951]} ، يجعلون منها لله ، ومنها لآلهتهم ، فكان إذا{[21952]} هبت الريح من نحو{[21953]} الذي جعلوه لآلهتهم إلى الذي جعلوه{[21954]} لله ، ردوه إلى الذي جعلوه لآلهتهم/{[21955]} ، وإذا هبت الريح من نحو الذي جعلوه لله إلى الذي جعلوه لآلهتهم ، لم يردوه ، فذلك قوله : { ساء ما يحكمون } أي : ساء الحكم في حكمهم ، قال{[21956]} : وكذلك جعلوا من ثمرهم نصيبا لله ، ونصيبا للشياطين ولأوثانهم{[21957]} ، فإن سقط من نصيب الله شيء في نصيب الأوثان تركوه ، وإن سقط من نصيب الأوثان ( شيء في نصيب الله ){[21958]} ردوه في نصيب الأوثان ، وإن انفجر من سِقْي ما جعلوه{[21959]} لله في نصيب الشيطان{[21960]} والأوثان تركوه ، وإن انفجر من سِقْي ما للأوثان في نصيب الله رَدُّوه ( وسَدُّوهُ ){[21961]} ، فهذا ما جعلوا{[21962]} من الحرث ، وأما الأنعام : فهو جعلهم البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي ، وقد ذكر ذلك في ( المائدة ){[21963]} .

وقال السدي : كانوا يزرعون زرعا يجعلونه لله يتصدقون به ، ويزرعون آخر يجعلونه لآلهتهم وينفقونه عليها ، فإذا أجْدَبَ{[21964]} ما لألهتهم ، أخذوا ما كان الله فأنفقوه على آلهتهم ، وإذا أجْدَب{[21965]} ما كان لله ، لم يأخذوا مما لآلهتهم شيئا ، ( و ){[21966]} يقولون : ( لو شاء الله لزكى الذي له ){[21967]} .

وقال ابن زيد : كل شيء جعلوه لله من ذبح لا يأكلونه حتى يذكروا عليه اسم الآلهة{[21968]} ، وما كان من ذبح للآلهة لا يذكرون عليه اسم الله{[21969]} .

وفي الكلام حذف ، والمعنى : ( من الحرث والأنعام نصيبا ، وجعلوا لأصنامهم نصيبا ) ، ودل على ذلك قوله : { وهذا لشركائنا }{[21970]} .

والفتح في ( الزعم ){[21971]} لغة أهل الحجاز{[21972]} ، والضم : لغة بني أسد{[21973]} ، والكسر : لغة تميم وقيس ، وقد أنكر أبو حاتم الكسر ، وحكاه الكسائي والفراء{[21974]} .


[21948]:ساقطة من ب د.
[21949]:ساقطة من ب.
[21950]:ب: شركاءهم. د: شركاء.
[21951]:ب: حرما.
[21952]:الظاهر من الخرم في (أ) أنها كما أثبت. د: إذ.
[21953]:ب: لحو.
[21954]:د: جعلوا.
[21955]:جلها مطموس مع بعض الخرم.
[21956]:أي: ابن عباس.
[21957]:ب: الأوثانهم.
[21958]:ب د: في نصيب الله شيء.
[21959]:في هامش د لفظة: (قف).
[21960]:د: الشياطين.
[21961]:ساقطة من ب د.
[21962]:ب د: جعلوه.
[21963]:انظر: الآية 105. وانظر: تفسير الطبري 12/130 وما بعدها.
[21964]:د: جذب.
[21965]:انظر: المصدر السابق.
[21966]:ساقطة من د.
[21967]:انظر: تفسير الطبري 12/133، 134.
[21968]:انظر: تفسير الطبري 12/134.
[21969]:د: الهتهم.
[21970]:انظر: المحرر 6/155.
[21971]:ب: الدغم.
[21972]:هي قراءة السبعة إلا الكسائي في السبعة 270.
[21973]:هي قراءة (الكسائي وحده) في السبعة 270، ويحيى بن وثاب والأعمش أيضا في إعراب النحاس 1/581.
[21974]:انظر: معانيه 1/356 حيث لم ينسب اللغات إلى أهاليها، وقال: (ولم يقرأ بكسر الزاي أحد نعلمه)، وانظر: ما يتعلق بالقراءات الثلاث إعراب النحاس 1/581.