السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَجَعَلُواْ لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمۡۗ سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ} (136)

{ وجعلوا } أي : كفار مكة { لله مما ذرأ } أي : خلق { من الحرث } أي : الزرع { والأنعام نصيباً فقالوا هذا بزعمهم وهذا لشركائنا } وذلك أنّ المشركين كانوا يجعلون لله من حروثهم وأنعامهم وثمارهم وسائر أموالهم نصيباً وللأوثان نصيباً فما جعلوه لله صرفوه إلى الضيفان والمساكين وما جعلوه للأصنام أنفقوه على الأصنام وخدمها فإن سقط شيء من نصيب الأوثان فيما جعلوه لله ردّوه إلى الأوثان وقالوا : إنها محتاجة وكان إذا هلك وانتقص شيء مما جعلوه لله لم يبالوا به وإذا هلك شيء مما جعلوه للأصنام جبروه بما جعلوه لله فذلك قوله تعالى : { فما كان لشركائهم } أي : ما جعلوه لها من الحرث والأنعام { فلا يصل إلى الله } أي : لجهته فلا يعطونه للمساكين ولا ينفقونه على الضيفان { وما كان لله فهو يصل إلى شركائهم } وفي قوله تعالى : { مما ذرأ } تنبيه على فرط جهالتهم فإنهم أشركوا مع الخالق تعالى في خلقه جماداً لا يقدر على شيء ثم رجحوه عليه بأن جعلوا الزاكي له . وفي قوله تعالى : { بزعمهم } تنبيه على أن ذلك مما اخترعوه لم يأمرهم الله تعالى به ، وقرأ الكسائي برفع الزاي والباقون بالنصب { ساء } أي : بئس { ما يحكمون } حكمهم هذا .