الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{ٱسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ أَوۡ لَا تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ إِن تَسۡتَغۡفِرۡ لَهُمۡ سَبۡعِينَ مَرَّةٗ فَلَن يَغۡفِرَ ٱللَّهُ لَهُمۡۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِۦۗ وَٱللَّهُ لَا يَهۡدِي ٱلۡقَوۡمَ ٱلۡفَٰسِقِينَ} (80)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم « عن عروة أن عبد الله بن أبي قال لأصحابه : لولا أنكم تنفقون على محمد وأصحابه لانفضوا من حوله ، وهو القائل { ليخرجن الأعز منها الأذل } [ المنافقون : 8 ] فأنزل الله عز وجل { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } قال النبي » لأزيدن على السبعين . فأنزل الله { سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم } « [ المنافقون : 6 ] .

وأخرج ابن أبي شيبة وابن جرير وابن المنذر عن مجاهد قال : لما نزلت { إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } قال النبي صلى الله عليه وسلم « سأزيد على سبعين ، فأنزل الله في السورة التي يذكر فيها المنافقون { لن يغفر الله لهم } [ المنافقون : 6 ] » .

وأخرج ابن جرير عن ابن عباس « أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : لما نزلت هذه الآية أسمع ربي قد رخص لي فيهم ، فوالله لأستغفرن أكثر من سبعين مرة لعل الله أن يغفر لهم . فقال الله من شدة غضبه عليهم { سواء عليهم أستغفرت لهم أم لم تستغفر لهم لن يغفر الله لهم إن الله لا يهدي القوم الفاسقين } [ المنافقون : 6 ] » .

وأخرج أحمد والبخاري والترمذي والنسائي وابن أبي حاتم والنحاس وابن حبان وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية عن ابن عباس قال : سمعت عمر يقول : لما توفي عبد الله بن أبي ، دعي رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه ، فقام عليه فلما وقف قلت أعلى عدوّ الله عبد الله بن أبي القائل كذا وكذا ، والقائل كذا وكذا ؟ ! أعدد أيامه ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم ، حتى إذا أكثرت قال « يا عمر أخر عني اني قد خيرت ، قد قيل لي { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة } فلو أعلم أني إن زدت على السبعين غفر له لزدت عليها ، ثم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومشى معه حتى قام على قبره حتى فرغ منه ، فعجبت لي ولجراءتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم - والله رسوله أعلم - فوالله ما كان إلا يسيراً حتى نزلت هاتان الآيتان { ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } [ التوبة : 84 ] فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على منافق بعده حتى قبضه الله عز وجل » .

وأخرج ابن أبي حاتم « عن الشعبي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : لقد أصبت في الإِسلام هفوة ما أصبت مثلها قط ، أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على عبد الله بن أبي ، فأخذت بثوبه فقلت : والله ما أمرك الله بهذا ، لقد قال الله { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : قد خيرني ربي فقال { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم } فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير القبر ، فجعل الناس يقولون لابنه : يا حباب افعل كذا يا حباب افعل كذا : فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحباب اسم شيطان أنت عبد الله » .

وأخرج أبو الشيخ عن السدي في قوله { استغفر لهم . . . } الآية . قال : نزلت في الصلاة على المنافقين قال : « لما مات عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق قال النبي صلى الله عليه وسلم لو أعلم إن استغفرت له إحدى وسبعين مرة غفر له لفعلت فصلى عليه الله الصلاة على المنافقين والقيام على قبورهم ، فأنزل الله { ولا تصلِّ على أحد منهم مات أبداً ولا تقم على قبره } [ التوبة : 84 ] ونزلت العزمة في سورة المنافقين { سواء عليهم استغفرت لهم أم لم تستغفر لهم } [ المنافقون : 6 ] الآية » .