فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{إِنَّ ٱلَّذِينَ لَا يَرۡجُونَ لِقَآءَنَا وَرَضُواْ بِٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا وَٱطۡمَأَنُّواْ بِهَا وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِنَا غَٰفِلُونَ} (7)

شرع الله سبحانه في شرح أحوال من لا يؤمن بالمعاد ، ومن يؤمن به ، وقدّم الطائفة التي لم تؤمن ، لأن الكلام في هذه السورة مع الكفار الذين يعجبون مما لا عجب فيه ، ويهملون النظر والتفكر فيما لا ينبغي إهماله مما هو مشاهد لكل حيّ طوال حياته ، فيتسبب عن إهمال النظر ، والتفكر الصادق : عدم الإيمان بالمعاد ، ومعنى الرجاء هنا الخوف ، ومنه قول الشاعر :

إذا لسعته النحل لم يرج لسعها *** وخالفها في بيت نوبٍ عواسلِ

وقيل { يرجون } : يطمعون . ومنه قول الشاعر :

أترجو بني مروان سمعي وطاعتي *** وقومي تميم والفلاة ورائيا

فالمعنى على الأوّل : لا يخافون عقاباً . وعلى الثاني : لا يطمعون في ثواب إذا لم يكن المراد باللقاء حقيقته ، فإن كان المراد به حقيقته كان المعنى : لا يخافون رؤيتنا ، أو لا يطمعون في رؤيتنا . وقيل : المراد بالرجاء هنا : التوقع ، فيدخل تحته الخوف والطمع ، فيكون المعنى : { لاَ يَرْجُونَ لِقَاءنَا } لا يتوقعون لقاءنا ، فهم لا يخافونه ، ولا يطمعون فيه { وَرَضُواْ بالحياة الدنيا } أي : رضوا بها عرضاً عن الآخرة ، فعملوا لها { واطمأنوا بِهَا } أي : سكنت أنفسهم إليها ، وفرحوا بها { والذين هُمْ عَنْ آياتنا غافلون } لا يعتبرون بها ، ولا يتفكرون فيها .

/خ10