ثم أجاب الله سبحانه عن نوح ببيان أن ابنه غير داخل في عموم الأهل ، وأنه خارج بقيد الاستثناء ف{ قال يا نُوحٍ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ } الذين آمنوا بك ، وتابعوك ، وإن كان من أهلك باعتبار القرابة ؛ ثم صرح بالعلة الموجبة لخروجه من عموم الأهل المبينة له بأن المراد بالقرابة قرابة الدين ، لا قرابة النسب ، وحده ، فقال : { إِنَّهُ عَمَل غَيْرُ صالح } قرأ الجمهور : عمل على لفظ المصدر . وقرأ ابن عباس ، وعكرمة ، والكسائي ، ويعقوب ، { عمل } على لفظ الفعل ؛ ومعنى القراءة الأولى المبالغة في ذمه ، كأنه جعل نفس العمل ، وأصله ذو عمل غير صالح ثم حذف المضاف وجعل نفس العمل ، كذا قال الزجاج وغيره . ومعنى القراءة الثانية ظاهر : أي إنه عمل عملاً غير صالح ، وهو : كفره وتركه لمتابعة أبيه ؛ ثم نهاه عن مثل هذا السؤال ، فقال : { فَلا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْم } لما بين له بطلان ما اعتقده من كونه من أهله ، فرّع على ذلك النهي عن السؤال ، وهو وإن كان نهياً عاماً بحيث يشمل كل سؤال ، لا يعلم صاحبه أن حصول مطلوبه منه صواب ، فهو يدخل تحته سؤاله هذا دخولاً أوّلياً ، وفيه عدم جواز الدعاء بما لا يعلم الإنسان مطابقته للشرع ، وسمى دعاءه سؤالاً لتضمنه معنى السؤال { إِنّي أَعِظُكَ أَن تَكُونَ مِنَ الجاهلين } أي : أحذرك أن تكون من الجاهلين ، كقوله : { يَعِظُكُمُ الله أَن تَعُودُواْ لِمِثْلِهِ أَبَداً } وقيل : المعنى : أرفعك أن تكون من الجاهلين . قال ابن العربي : وهذه زيادة من الله وموعظة يرفع بها نوحاً عن مقام الجاهلين ، ويعليه بها إلى مقام العلماء العاملين .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.