قوله : { وَقِيلَ يا أرض ابلعي مَاءكِ } يقال : بلع الماء يبلعه مثل منع يمنع ، وبلع يبلع ، مثل حمد يحمد لغتان حكاهما الكسائي والفراء : والبلع : الشرب ، ومنه البالوعة ، وهي : الموضع الذي يشرب الماء ، والازدراد ، يقال : بلع ما في فمه من الطعام إذا ازدرده ، واستعير البلع الذي هو من فعل الحيوان للنشف دلالة على أن ذلك ليس كالنشف المعتاد الكائن على سبيل التدريج { ويا سماء أَقْلِعِي } الإقلاع : الإمساك ، يقال : أقلع المطر : إذا انقطع . والمعنى : أمر السماء بامساك الماء عن الإرسال ، وقدّم نداء الأرض على السماء لكون ابتداء الطوفان منها { وَغِيضَ الماء } أي : نقص ، يقال : غاض الماء وغضته أنا { وَقُضِىَ الأمر } أي : أحكم وفرغ منه : يعني : أهلك الله قوم نوح على تمام وإحكام { واستوت عَلَى الجوديّ } أي : استقرّت السفينة على الجبل المعروف بالجودي ، وهو جبل بقرب الموصل ؛ وقيل : إن الجودي : اسم لكل جبل ، ومنه قول زيد بن عمرو بن نفيل :
سبحانه ثم سبحانا نعوذ به *** وقبلنا سبح الجوديّ والجمد
ويقال : إنه من جبال الجنة ، فلذا استوت عليه { وَقِيلَ بُعْدًا للْقَوْمِ الظالمين } القائل : هو الله سبحانه ، ليناسب صدر الآية . وقيل : هو نوح وأصحابه . والمعنى : وقيل هلاكاً للقوم الظالمين ، وهو من الكلمات التي تختص بدعاء السوء ووصفهم بالظلم للإشعار بأنه علة الهلاك ، وللإيماء إلى قوله : { وَلاَ تخاطبني فِي الذين ظَلَمُوا } . وقد أطبق علماء البلاغة على أن هذه الآية الشريفة بالغة من الفصاحة والبلاغة إلى محل يتقاصر عنه الوصف ، وتضعف عن الإتيان بما يقاربه قدرة القادرين على فنون البلاغة ، الثابتين الأقدام في علم البيان ، الراسخين في علم اللغة ، المطلعين على ما هو مدوّن من خطب مصاقع خطباء العرب ، وأشعار بواقع شعرائهم ، المرتاضين بدقائق علوم العربية وأسرارها . وقد تعرّض لبيان بعض ما اشتملت عليه من ذلك جماعة منهم ، فأطالوا وأطابوا ، رحمنا الله وإياهم برحمته الواسعة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.