فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَقُل رَّبِّ أَنزِلۡنِي مُنزَلٗا مُّبَارَكٗا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ} (29)

ثم أمره أن يسأل ربه ما هو أنفع له وأتمّ فائدة فقال : { وَقُل رَّبّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُبَارَكاً } أي أنزلني في السفينة . قرأ الجمهور : { منزلاً } بضم الميم وفتح الزاي على أنه مصدر . وقرأ زرّ بن حبيش وأبو بكر عن عاصم والمفضل بفتح الميم وكسر الزاي على أنه اسم مكان . فعلى القراءة الأولى : أنزلني إنزالاً مباركاً ، وعلى القراءة الثانية : أنزلني مكاناً مباركاً ، قال الجوهري : والمنزل بفتح الميم والزاي النزول ، وهو الحلول ، تقول : نزلت نزولاً ومنزلاً . قال الشاعر :

أإن ذكرتك الدار منزلها جمل *** بكيت فدمع العين منحدر سجل

بنصب منزلها ؛ لأنه مصدر . قيل : أمره الله سبحانه بأن يقول هذا القول عند دخوله السفينة . وقيل : عند خروجه منها ، والآية تعليم من الله لعباده إذا ركبوا ثم نزلوا أن يقولوا هذا القول : { وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين } هذا ثناء منه على الله عزّ وجلّ إثر دعائه له . قال الواحدي : قال المفسرون : إنه أمر أن يقول عند استوائه على الفلك : الحمد لله ، وعند نزوله منها : ربّ أنزلني منزلاً مباركاً .

/خ41