اللباب في علوم الكتاب لابن عادل - ابن عادل  
{وَقُل رَّبِّ أَنزِلۡنِي مُنزَلٗا مُّبَارَكٗا وَأَنتَ خَيۡرُ ٱلۡمُنزِلِينَ} (29)

قوله : { وَقُل ربِّ أَنزِلْنِي مُنزَلاً مُّبَارَكاً } قرأ أبو بكر بفتح ميم ( مَنْزِلاً ) وكسر الزاي ، والباقون بضم الميم وفتح الزاي{[32614]} و ( المَنْزل{[32615]} ) و ( المُنْزَل ) كل منهما يحتمل أن يكون اسم مصدر ، وهو الإنزال أو النزول ، وأن يكون اسم{[32616]} مكان النزول أو الإنزال ، إلا أنّ القياس «مُنْزَلاً » بالضم والفتح لقوله : «أَنْزِلْنِي »{[32617]} . وأما الفتح والكسر فعلى نيابة مصدر الثلاثي مناب مصدر الرباعي{[32618]} كقوله : { أَنبَتَكُمْ منَ الأرض نَبَاتاً }{[32619]} [ نوح : 17 ] ، وتقدم نظيره في «مُدْخَل » و «مَدْخَل » في سورة النساء{[32620]} واختلفوا في المنزل ، فقيل : نفس السفينة ، وقيل : بعد خروجه من السفينة منزلاً من الأرض مباركاً . والأول أقرب ، لأنه أُمِرَ بهذا الدعاء حال استقراره ، فيكون هو المنزل دون غيره{[32621]} .

ثم قال : { وَأَنتَ خَيْرُ المنزلين } ، وذلك أن الإنزال في الأمكنة قد يقع من غير الله كما يقع من الله ، لأنه يحفظ من أنزله{[32622]} في سائر أحواله{[32623]} .


[32614]:السبعة (445) الكشف 2/128، الحجة لابن خالويه (256).
[32615]:والمنزل: سقط من ب.
[32616]:في ب: اسم مصدر.
[32617]:لأن الفعل المتقدم رباعي.
[32618]:انظر الكشاف 2/128، البيان 2/182 – 183، التبيان 2/953.
[32619]:من قوله تعالى: {والله أنبتكم من الأرض نباتا} [نوح: 17] واستشهد بالآية على أن "نباتا" اسم مصدر وقع موقع مصدر "أنبت" التبيان 2/1242.
[32620]:عند قوله تعالى: {إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر سيئاتكم وندخلكم مدخلا كريما} [النساء: 31].
[32621]:انظر الفخر الرازي 23/96.
[32622]:في ب: إنزاله. وهو تحريف.
[32623]:انظر الفخر الرازي 23/96.