فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا} (44)

{ أَوَلَمْ يَسِيرُواْ في الأرض فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عاقبة الذين مِن قَبْلِهِمْ } هذه الجملة مسوقة لتقرير معنى ما قبلها وتأكيده ، أي ألم يسيروا في الأرض ، فينظروا ما أنزلنا بعاد ، وثمود ، ومدين ، وأمثالهم من العذاب لما كذبوا الرسل ، فإن ذلك هو من سنّة الله في المكذبين التي لا تبدّل ، ولا تحوّل ، وآثار عذابهم ، وما أنزل الله بهم موجودة في مساكنهم ظاهرة في منازلهم والحال : أن أولئك { كَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً } وأطول أعماراً ، وأكثر أموالاً ، وأقوى أبداناً { وَمَا كَانَ الله لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْء في السموات وَلاَ في الأرض } أي ما كان ليسبقه ويفوته من شيء من الأشياء كائناً ما كان فيهما { إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً } أي كثير العلم ، وكثير القدرة لا يخفى عليه شيء ، ولا يصعب عليه أمر .

/خ45