تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا} (44)

الآية 44 وقوله تعالى : { أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم } هذا يُخرّج على وجوه :

أحدها : قد ساروا في الأرض ، وانظروا إلى ما حلّ بأولئك بالتكذيب والعناد . لكن لم يتّعظوا بهم ، ولم ينفعهم ذلك .

والثاني : على الأمر : أن سيروا في الأرض ، وانظروا ما الذي نزل بأولئك ، واتعظوا بهم ، وامتنعوا عن مثل صنيعهم .

والثالث : أنهم ، وإن ساروا في الأرض ، ونظروا في آثارهم ، لم ينفعهم ذلك ، والله أعلم .

وقوله تعالى : { وكانوا أشد منهم قوة } أي إنهم كانوا أكثر عددا وأشد قوة وبطشا منكم ، ثم لم يمكّن لهم دفع ما نزل بهم ، وحلّ . فأنتم يا أهل مكة مع قلة عددكم وضعفكم لا تقدرون على دفع ذلك عن أنفسكم .

وقوله تعالى : { وما كان الله ليُعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض } الإعجاز في الشاهد يكون بوجهين :

أحدهما : الامتناع ، يقول : لا يسبق أحد أن يمتنع عنه ومن عذابه .

والثاني : القهر والغلبة ، يقول : لا يُسبَق منه بالقهر والغلبة . بل هو القاهر والغالب على خلقه .

{ إنه كان عليما قديرا } .