الهداية إلى بلوغ النهاية لمكي بن ابي طالب - مكي ابن أبي طالب  
{أَوَلَمۡ يَسِيرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ فَيَنظُرُواْ كَيۡفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبۡلِهِمۡ وَكَانُوٓاْ أَشَدَّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعۡجِزَهُۥ مِن شَيۡءٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِۚ إِنَّهُۥ كَانَ عَلِيمٗا قَدِيرٗا} (44)

قوله تعالى : { أو لم يسيروا في الأرض }45 إلى آخر السورة 46 .

أي : أو لم يسر هؤلاء المشركون من قومك يا محمد في الأرض ، فينظروا عاقبة الأمم الذين كذبوا الرسل من قبلهم ، فيتعظوا ويزدجروا عن إنكارهم لنبوتك وتكذيبك فيما جئتهم به ، ويخافوا أن يحل بهم مثل ما حل بأولئك الأمم من العقوبات .

والمعنى : أنهم قد ساروا ونظروا لأنهم كانوا تجارا إلى الشام ، فيمرون على مدائن قوم لوط وغيرها من المدن التي أهلك الله قومها لكفرهم بالرسل ، كما تقول للرجل ألم أحسن إليك ؟ أي : قد أحسنت إليك .

ثم قال : { وكانوا أشد منهم قوة } أي : وكان أولئك من الأمم أشد من هؤلاء قوة في الأبدان والأموال والأولاد ، فلم ينفعهم ذلك إذ كفروا ، فأحرى أن لا ينتفع هؤلاء بقوتهم وكثرة أموالهم وأولادهم إذ هم دون أولئك .

ثم قال : { قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض } أي : لم يكن شيء يفوت الله بهرب ولا غيره ، بل كل تحت قبضته فلا محيص عنه ولا مهرب في السموات ولا في الأرض .

بل هذا وعيد وتهديد وتخويف لمن أشرك بالله وكذب محمدا صلى الله عليه وسلم .

ثم قال : { إنه كان عليما قديرا } أي : بخلقه وما هو كائن ، ومن المستحق منهم تعجيل العقوبة ، ومن هو راجع عن ضلالته ممن يموت عليها { قديرا } أي : قادرا على جميع ذلك لا يتعذر عليه شيء .