{ استكبارا في الأرض } أي لأجل الاستكبار ، والعتوّ ولأجل { مَكَرَ السيىء } أي مكر العمل السيىء ، أو مكروا المكر السيىء ، والمكر هو : الحيلة ، والخداع ، والعمل القبيح ، وأضيف إلى صفته كقوله : مسجد الجامع ، وصلاة الأولى ، وأنث { إحدى } لكون أمة مؤنثة كما قال الأخفش . وقيل المعنى : من إحدى الأمم على العموم . وقيل : من الأمة التي يقال لها إحدى الأمم تفضيلاً لها . قرأ الجمهور : { ومكر السيىء } بخفض همزة السيىء . وقرأ الأعمش ، وحمزة بسكونها وصلا . وقد غلط كثير من النحاة هذه القراءة ، ونزهوا الأعمش على جلالته أن يقرأ بها ، قالوا : وإنما كان يقف بالسكون ، فغلط من روي عنه : أنه كان يقرأ بالسكون وصلا ، وتوجيه هذه القراءة ممكن ، بأن من قرأ بها أجرى الوصل مجرى الوقف كما في قول الشاعر :
فاليوم أشرب غير مستحقب *** إثماً من الله ولا واغل
بسكون الباء من أشرب ، ومثله قراءة من قرأ : { وَمَا يُشْعِرُكُمْ } [ الأنعام : 109 ] بسكون الراء ، ومثل ذلك قراءة أبي عمرو : { إلى بَارِئِكُمْ } [ البقرة : 54 ] بسكون الهمزة ، وغير ذلك كثير . قال أبو علي الفارسي : هذا على إجراء الوصل مجرى الوقف ، وقرأ ابن مسعود : " ومكراً سيئا " . { وَلاَ يَحِيقُ المكر السيىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ } أي لا تنزل عاقبة السوء إلاّ بمن أساء . قال الكلبي : يحيق بمعنى : يحيط ، والحوق الإحاطة ، يقال : حاق به كذا إذا أحاط به ، وهذا هو الظاهر من معنى يحيق في لغة العرب ، ولكن قطرب فسره هنا بينزل ، وأنشد :
وقد رفعوا المنية فاستقلت *** ذراعاً بعد ما كانت تحيق
أي تنزل . { فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّتُ الأولين } أي فهل ينتظرون إلاّ سنة الأوّلين ؟ أي سنة الله فيهم بأن ينزل بهؤلاء العذاب كما نزل بأولئك { فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَبْدِيلاً } أي لا يقدر أحد أن يبدلّ سنّة الله التي سنّها بالأمم المكذبة من إنزال عذابه بهم بأن يضع موضعه غيره بدلاً عنه { وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ الله تَحْوِيلاً } بأن يحوّل ما جرت به سنّة الله من العذاب ، فيدفعه عنهم ، ويضعه على غيرهم ، ونفي وجدان التبديل والتحويل عبارة عن نفي وجودهما .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.