فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَبَدَا لَهُمۡ سَيِّـَٔاتُ مَا كَسَبُواْ وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِۦ يَسۡتَهۡزِءُونَ} (48)

{ وَبَدَا لَهُمْ مّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } أي ظهر لهم من عقوبات الله وسخطه ، وشدّة عذابه ما لم يكن في حسابهم ، وفي هذا وعيد عظيم ، وتهديد بالغ ، وقال مجاهد : عملوا أعمالاً توهموا أنها حسنات ، فإذا هي سيئات ، وكذا قال السدّي . وقال سفيان الثوري : ويل لأهل الرياء ويل لأهل الرياء ويل لأهل الرياء هذه آيتهم وقصتهم . وقال عكرمة بن عمار : جزع محمد بن المنكدر عند موته جزعاً شديداً ، فقيل له : ما هذا الجزع ؟ قال : أخاف آية من كتاب الله { وَبَدَا لَهُمْ مّنَ الله مَا لَمْ يَكُونُواْ يَحْتَسِبُونَ } ، فأنا أخشى أن يبدو لي ما لم أكن أحتسب . { وَبَدَا لَهُمْ سَيّئَاتُ مَا كَسَبُواْ } أي مساوئ أعمالهم من الشرك ، وظلم أولياء الله ، و{ ما } يحتمل أن تكون مصدرية ، أي : سيئات كسبهم ، وأن تكون موصولة ، أي سيئات الذي كسبوه { وَحَاقَ بِهِم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤونَ } أي أحاط بهم ، ونزل بهم ما كانوا يستهزئون به من الإنذار الذي كان ينذرهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم .

/خ48