فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱتَّبِعُوٓاْ أَحۡسَنَ مَآ أُنزِلَ إِلَيۡكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبۡلِ أَن يَأۡتِيَكُمُ ٱلۡعَذَابُ بَغۡتَةٗ وَأَنتُمۡ لَا تَشۡعُرُونَ} (55)

{ واتبعوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مّن رَّبّكُمْ } يعني القرآن ، يقول : أحلوا حلاله ، وحرموا حرامه ، والقرآن كله حسن . قال الحسن : التزموا طاعته ، واجتنبوا معاصيه . وقال السدّي : الأحسن ما أمر الله به في كتابه . وقال ابن زيد : يعني المحكمات ، وكلوا علم المتشابه إلى عالمه . وقيل : الناسخ دون المنسوخ . وقيل : العفو دون الانتقام بما يحق فيه الانتقام . وقيل : أحسن ما أنزل إليكم من أخبار الأمم الماضية { مّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العذاب بَغْتَةً وَأَنتُمْ لاَ تَشْعُرُونَ } أي من قبل أن يفاجئكم العذاب ، وأنتم غافلون عنه لا تشعرون به . وقيل : أراد أنهم يموتون بغتة ، فيقعون في العذاب . والأوّل أولى ، لأن الذي يأتيهم بغتة هو : العذاب في الدنيا بالقتل ، والأسر ، والقهر ، والخوف ، والجدب ، لا عذاب الآخرة ولا الموت ، لأنه لم يسند الإتيان إليه .

/خ61