فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَجَعَلَهَا كَلِمَةَۢ بَاقِيَةٗ فِي عَقِبِهِۦ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (28)

{ وَجَعَلَهَا كَلِمَةً باقية في عَقِبِهِ } الضمير في { جعلها } عائد إلى قوله : { إِلاَّ الذي فَطَرَنِي } ، وهي بمعنى التوحيد ، كأنه قال : وجعل كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم ، وهم ذرّيته ، فلا يزال فيهم من يوحد الله سبحانه ، وفاعل جعلها : إبراهيم ، وذلك حيث وصاهم بالتوحيد ، وأمرهم بأن يدينوا به كما في قوله : { ووصى بِهَا إبراهيم بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ } [ البقرة : 132 ] الآية ، وقيل : الفاعل هو الله عزّ وجلّ ، أي وجعل الله عزّ وجلّ كلمة التوحيد باقية في عقب إبراهيم ، والعقب : من بعد . قال مجاهد وقتادة : الكلمة لا إله إلاّ الله لا يزال من عقبه من يعبد الله إلى يوم القيامة . وقال عكرمة : هي الإسلام . قال ابن زيد : الكلمة هي قوله : { أَسْلَمْتُ لِرَبّ العالمين } [ البقرة : 131 ] ، وجملة { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } تعليل للجعل ، أي : جعلها باقية رجاء أن يرجع إليها من يشرك منهم بدعاء من يوحد . وقيل : الضمير في { لعلهم } راجع إلى أهل مكة ، أي لعلّ أهل مكة يرجعون إلى دينك الذي هو دين إبراهيم . وقيل : في الكلام تقديم ، وتأخير ، والتقدير : فإنه سيهدين لعلهم يرجعون ، وجعلها إلخ . قال السدّي : لعلهم يتوبون فيرجعون عما هم عليه إلى عبادة الله .

/خ35