فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلَوۡ نَشَآءُ لَأَرَيۡنَٰكَهُمۡ فَلَعَرَفۡتَهُم بِسِيمَٰهُمۡۚ وَلَتَعۡرِفَنَّهُمۡ فِي لَحۡنِ ٱلۡقَوۡلِۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ أَعۡمَٰلَكُمۡ} (30)

{ وَلَوْ نَشَاء لأريناكهم } أي لأعلمناكهم ، وعرّفناكهم بأعيانهم معرفة تقوم مقام الرؤية ، تقول العرب : سأريك ما أصنع : أي سأعلمك { فَلَعَرَفْتَهُم بسيماهم } أي بعلامتهم الخاصة بهم التي يتميزون بها . قال الزجاج : المعنى : لو نشاء لجعلنا على المنافقين علامة ، وهي السيما ، فلعرفتهم بتلك العلامة ، والفاء لترتيب المعرفة على الإرادة ، وما بعدها معطوف على جواب «لو » ، وكررت في المعطوف للتأكيد ، وأما اللام في قوله : { وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القول } فهي جواب قسم محذوف . قال المفسرون : لحن القول : فحواه ومقصده ومغزاه ، وما يعرّضون به من تهجين أمرك وأمر المسلمين ، وكان بعد هذا لا يتكلم منافق عنده إلاّ عرفه . قال أبو زيد : لحنت له اللحن : إذا قلت له قولاً يفقهه عنك ، ويخفى على غيره ، ومنه قول الشاعر :

منطق صائب وتلحن أحيانا *** وخير الكلام ما كان لحناً

أي أحسنه ما كان تعريضاً يفهمه المخاطب ، ولا يفهمه غيره لفطنته وذكائه ، وأصل اللحن : إمالة الكلام إلى نحو من الأنحاء لغرض من الأغراض { والله يَعْلَمُ أعمالكم } لا تخفى عليه منها خافية فيجازيكم بها ، وفيه وعيد شديد .

/خ31