فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَمُنُّونَ عَلَيۡكَ أَنۡ أَسۡلَمُواْۖ قُل لَّا تَمُنُّواْ عَلَيَّ إِسۡلَٰمَكُمۖ بَلِ ٱللَّهُ يَمُنُّ عَلَيۡكُمۡ أَنۡ هَدَىٰكُمۡ لِلۡإِيمَٰنِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ} (17)

ثم أخبر الله سبحانه رسوله بما يقوله لهم عند المنّ عليه منهم بما يدّعونه من الإسلام فقال : { يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُواْ } أي يعدّون إسلامهم منّة عليك حيث قالوا : جئناك بالأثقال والعيال ، ولم نقاتلك كما قاتلك بنو فلان وبنو فلان { قُل لاَّ تَمُنُّواْ عَلَىَّ إسلامكم } أي لا تعدّوه منّة عليّ ، فإن الإسلام هو المنّة التي لا يطلب موليها ثواباً لمن أنعم بها عليه ، ولهذا قال : { بَلِ الله يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ للإيمان } أي أرشدكم إليه وأراكم طريقه سواءً وصلتم إلى المطلوب أم لم تصلوا إليه ، وانتصاب { إسلامكم } إما على أنه مفعول به على تضمين يمنّون معنى يعدّون ، أو بنزع الخافض : أي لأن أسلموا ، وهكذا قوله : { أَنْ هَداكُمْ للإيمان } فإنه يحتمل الوجهين { إِن كُنتُمْ صادقين } فيما تدّعونه ، والجواب محذوف يدلّ عليه ما قبله : أي إن كنتم صادقين ، فللّه المنّة عليكم . قرأ الجمهور { أن هداكم } بفتح «أن » ، وقرأ عاصم بكسرها .

/خ18