ولما ذكر سبحانه أن أكرم الناس عند الله أتقاهم له ، وكان أصل التقوى الإيمان ذكر ما كانت تقوله العرب من دعوى الإيمان ليثبت لهم الشرف والفضل فقال : { قَالَتِ الأعراب ءامَنَّا } وهم بنو أسد أظهروا الإسلام في سنة مجدبة يريدون الصدقة ، فأمر الله سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يردّ عليهم ، فقال : { قُل لَّمْ تُؤْمِنُواْ } أي لم تصدقوا تصديقاً صحيحاً عن اعتقاد قلب ، وخلوص نية وطمأنينة { ولكن قُولُواْ أَسْلَمْنَا } أي استسلمنا خوف القتل والسبي أو للطمع في الصدقة ، وهذه صفة المنافقين لأنهم أسلموا في ظاهر الأمر ولم تؤمن قلوبهم ، ولهذا قال سبحانه : { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ } أي لم يكن ما أظهرتموه بألسنتكم عن مواطأة قلوبكم ، بل مجرد قول باللسان من دون اعتقاد صحيح ولا نية خالصة ، والجملة إما مستأنفة لتقرير ما قبلها ، أو في محل نصب على الحال ، وفي «لمّا » معنى التوقع . قال الزجاج : الإسلام : إظهار الخضوع وقبول ما أتى به النبيّ ، وبذلك يحقن الدم ، فإن كان مع ذلك الإظهار اعتقاد وتصديق بالقلب فذلك الإيمان وصاحبه المؤمن . وقد أخرج هؤلاء من الإيمان بقوله : { وَلَمَّا يَدْخُلِ الإيمان فِي قُلُوبِكُمْ } أي لم تصدّقوا ، وإنما أسلمتم تعوّذاً من القتل { وَإِن تُطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ } طاعة صحيحة صادرة عن نيات خالصة ، وقلوب مصدقة غير منافقة { لاَ يَلِتْكُمْ مّنْ أعمالكم شَيْئاً } يقال لات يلت : إذا نقص ، ولاته يليته ويلوته : إذا نقصه ، والمعنى : لا ينقصكم من أعمالكم شيئًا . قرأ الجمهور : { يَلْتِكُمْ } من لاته يليته كباع يبيعه . وقرأ أبو عمرو ( لا يَأْلِتْكُمْ ) بالهمز من ألته يألته بالفتح في الماضي والكسر في المضارع ، واختار قراءة أبي عمرو أبو حاتم لقوله : { وَمَا ألتناهم مّنْ عَمَلِهِم مّن شَيء } [ الطور : 21 ] وعليها قول الشاعر :
أبلغ بني أسد عني مغلغلة *** جهر الرسالة لا ألتا ولا كذبا
واختار أبو عبيدة قراءة الجمهور ، وعليها قول رؤبة بن العجاج :
وليلة ذات ندى سريت *** ولم يلتني عن سراها ليت
وهما لغتان فصيحتان { إنَّ الله غَفُورٌ } أي بليغ المغفرة لمن فرط منه ذنب { رَّحِيمٌ } بليغ الرحمة لهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.