فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَلِلَّهِ مَا فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِي ٱلۡأَرۡضِ لِيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَسَـٰٓـُٔواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيَجۡزِيَ ٱلَّذِينَ أَحۡسَنُواْ بِٱلۡحُسۡنَى} (31)

ثم أخبر سبحانه عن سعة قدرته وعظيم ملكه فقال : { وَللَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض } أي هو المالك لذلك ، والمتصرّف فيه لا يشاركه فيه أحد ، واللام في : { لِيجْزِىَ الذين أَسَاءواْ بِمَا عَمِلُواْ } متعلقة بما دلّ عليه الكلام ، كأنه قال : هو مالك ذلك يضلّ من يشاء ويهدي من يشاء ليجزي المسيء بإساءته ، والمحسن بإحسانه . وقيل : إن قوله : { وَللَّهِ مَا فِي السموات وَمَا فِي الأرض } معترضة ، والمعنى : إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بمن اهتدى ليجزى ، وقيل : هي لام العاقبة : أي وعاقبة أمر الخلق الذين فيهم المحسن والمسيء أن يجزي الله كلاً منهما بعمله . وقال مكي : إن اللام متعلقة بقوله : { لاَ تُغْنِى شفاعتهم } وهو بعيد من حيث اللفظ ومن حيث المعنى . قرأ الجمهور : { ليجزي } بالتحتية . وقرأ زيد بن عليّ بالنون ، ومعنى { بالحسنى } أي بالمثوبة الحسنى وهي الجنة أو بسبب أعمالهم الحسنى .