فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱذۡكُرُوٓاْ إِذۡ جَعَلَكُمۡ خُلَفَآءَ مِنۢ بَعۡدِ عَادٖ وَبَوَّأَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورٗا وَتَنۡحِتُونَ ٱلۡجِبَالَ بُيُوتٗاۖ فَٱذۡكُرُوٓاْ ءَالَآءَ ٱللَّهِ وَلَا تَعۡثَوۡاْ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُفۡسِدِينَ} (74)

قوله : { واذكروا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاء مِن بَعْدِ عَادٍ } أي استخلفكم في الأرض أو جعلكم ملوكاً فيها ، كما تقدّم في قصة هود . { وَبَوَّأَكُمْ فِي الأرض } أي جعل لكم فيها مباءة ، وهي المنزل الذي تسكنونه { تَتَّخِذُونَ مِن سُهُولِهَا قُصُورًا } أي : تتخذون من سهولة الأرض قصوراً ، أو هذه الجملة مبينة لجملة : { وبوّأكم في الأرض } ، وسهول الأرض ترابها ، يتخذون منه اللبن والآجر ، ونحو ذلك ، فيبنون به القصور . { وَتَنْحِتُونَ الجبال بُيُوتًا } أي تتخذون في الجبال التي هي صخور بيوتاً تسكنون فيها ، وقد كانوا لقوّتهم وصلابة أبدانهم ينحتون الجبال فيتخذون فيها ، كهوفاً يسكنون فيها ، لأن الأبنية والسقوف كانت تفنى قبل فناء أعمارهم . وانتصاب بيوتاً على أنها حال مقدّرة ، أو على أنها مفعول ثان لتنحتون على تضمينه معنى تتخذون . قوله : { فاذكروا آلاء الله } تقدّم تفسيره في القصة التي قبل هذه .

قوله : { وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأرض مُفْسِدِينَ } العثي والعثو لغتان ، وقد تقدم تحقيقه في البقرة بما يغني عن الإعادة .

/خ79