فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُوٓاْ أَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥ وَلَا تَوَلَّوۡاْ عَنۡهُ وَأَنتُمۡ تَسۡمَعُونَ} (20)

أمر الله سبحانه المؤمنين بطاعته وطاعة رسوله ، ونهاهم عن التولي عن رسوله ، فالضمير في { عَنْهُ } عائد إلى الرسول ، لأن طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم هي من طاعة الله ، و { مَّنْ يُطِعِ الرسول فَقَدْ أَطَاعَ الله } ويحتمل أن يكون هذا الضمير راجعاً إلى الله وإلى رسوله ، كما في قوله : { والله وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ } وقيل : الضمير راجع إلى الأمر الذي دلّ عليه أطيعوا ، وأصل تولوا : تتولوا ، فطرحت إحدى التاءين ، هذا تفسير الآية على ظاهر الخطاب للمؤمنين ، وبه قال الجمهور .

وقيل : إنه خطاب للمنافقين ، والمعنى : يا أيها الذين آمنوا بألسنتهم فقط . قال ابن عطية : وهذا وإن كان محتملاً على بعد فهو ضعيف جدّاً ، لأن الله وصف من خاطبه في هذه الآية بالإيمان وهو التصديق .

والمنافقون لا يتصفون من التصديق بشيء ، وأبعد من هذا من قال : الخطاب لبني إسرائيل ، فإنه أجنبيّ من الآية . وجملة { وَأَنتُمْ تَسْمَعُونَ } في محل نصب على الحال ، والمعنى : وأنتم تسمعون ما يتلى عليكم من الحجج والبراهين وتصدقون بها ولستم كالصمّ البكم .

/خ18