قوله : { واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً } أي : اتقوا فتنة تتعدّى الظالم فتصيب الصالح والطالح ، ولا تختص إصابتها بمن يباشر الظلم منكم . وقد اختلف النحاة في دخول هذه النون المؤكدة في { تُصِيبَنَّ } فقال الفراء : هو بمنزلة قولك : انزل عن الدابة لا تطرحنك ، فهو جواب الأمر بلفظ النهى ، أي إن تنزل عنها لا تطرحنك ، ومثله قوله تعالى : { ادخلوا مساكنكم لاَ يَحْطِمَنَّكُمْ سليمان وَجُنُودُهُ } أي : إن تدخلوا لا يحطمنكم . فدخلت النون لما فيه من معنى الجزاء .
وقال المبرد : إنه نهي بعد أمر . والمعنى : النهي للظالمين ، أي لا يقربنّ الظلم ، ومثله ما روي عن سيبويه لا أرينك هاهنا . فإن معناه : لا تكن هاهنا ، فإن من كان هاهنا رأيته . وقال الجرجاني : إن { لا تصيبنّ } نهي في موضع وصف لفتنة . وقرأ عليّ ، وزيد بن ثابت ، وأبيّ وابن مسعود «لتصيبنّ » على أن اللام جواب لقسم محذوف ، والتقدير : اتقوا فتنة والله لتصيبنّ الذين ظلموا منكم خاصة . فيكون معنى هذه القراءة مخالفاً لمعنى قراءة الجماعة ، لأنها تفيد أن الفتنة تصيب الظالم خاصة ، بخلاف قراءة الجماعة . { واعلموا أَنَّ الله شَدِيدُ العقاب } ، ومن شدّة عقابه أنه يصيب بالعذاب من لم يباشر أسبابه ، وقد وردت الآيات القرآنية بأنه لا يصاب أحد إلا بذنبه ، ولا يعذب إلا بجنايته ، فيمكن حمل ما في هذه الآية على العقوبات التي تكون بتسليط العباد بعضهم على بعض . ويمكن أن تكون هذه الآية خاصة بالعقوبات العامة ، والله أعلم . ويمكن أن يقال : إن الذين لم يظلموا قد تسببوا للعقوبة بأسباب : كترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فتكون الأسباب المتعدّية للظالم إلى غيره مختصة بمن ترك ما يجب عليه عند ظهور الظلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.