فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَمَا صَاحِبُكُم بِمَجۡنُونٖ} (22)

{ وَمَا صاحبكم بِمَجْنُونٍ } الخطاب لأهل مكة ، والمراد بصاحبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : وما محمد يا أهل مكة بمجنون ، وذكره بوصف الصحبة للإشعار بأنهم عالمون بأمره ، وأنه ليس مما يرمونه به من الجنون وغيره في شيء ، وأنهم افتروا عليه ذلك عن علم منهم بأنه أعقل الناس وأكملهم ، وهذه الجملة داخلة في جواب القسم ، فأقسم سبحانه بأن القرآن نزل به جبريل ، وأن محمداً صلى الله عليه وسلم ليس كما يقولون من أنه مجنون ، وأنه يأتي بالقرآن من جهة نفسه { وَلَقَدْ رَآهُ بالأفق المبين } اللام جواب قسم محذوف : أي وتالله لقد رأى محمد جبريل بالأفق المبين : أي بمطلع الشمس من قبل المشرق ، لأن هذا الأفق إذا كانت الشمس تطلع منه فهو مبين لأن من جهته ترى الأشياء . وقيل : الأفق المبين أقطار السماء ونواحيها ، ومنه قول الشاعر :

أخذنا بأقطار السماء عليكم *** لنا قمراها والنجوم الطوالع

/خ29