فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (73)

الأمر للنبي صلى الله عليه وسلم بهذا الجهاد أمر لأمته من بعده ، وجهاد الكفار يكون بمقاتلتهم حتى يسلموا . وجهاد المنافقين يكون بإقامة الحجة عليهم ، حتى يخرجوا عنه ويؤمنوا بالله ، وقال الحسن : إن جهاد المنافقين بإقامة الحدود عليهم ، واختاره قتادة . قيل في توجيهه : إن المنافقين كانوا أكثر من يفعل موجبات الحدود . قال ابن العربي : إن هذه دعوى لا برهان عليها ، وليس العاصي بمنافق ، إنما المنافق بما يكون في قلبه من النفاق دائماً ، لا بما تتلبس به الجوارح ظاهراً ، وأخبار المحدودين تشهد بسياقتها أنهم لم يكونوا منافقين . قوله : { واغلظ عَلَيْهِمْ } الغلظ : نقيض الرأفة ، وهو شدّة القلب وخشونة الجانب ، قيل : وهذه الآية نسخت كل شيء من العفو والصلح والصفح .

/خ74