قوله تعالى : { يا أيها النبي جَاهِدِ الكفار والمنافقين } الآية .
لمَّا وصف المنافقين بالصِّفات الخبيثةِ ، وتوعدهم بأنواع العقاب ، ثمَّ ذكر المؤمنين بالصفات الحسنة ، ووعدهم بالثَّوابِ ، عاد إلى شرح أحوال الكُفَّارِ والمنافقين في هذه الآية .
فإن قيل : مجاهدة المنافقينَ غيرُ جائزة ، فإنَّ المنافق يستر كفره وينكره بلسانه .
أحدها : قال الضحاكُ : مجاهدة المنافق : تغليظُ القول ، وهذا بعيدٌ ؛ لأنَّ ظاهر قوله { جَاهِدِ الكفار والمنافقين } يقتضي الأمر بجهادهما معاً ، وكذا ظاهر قوله : { واغلظ عَلَيْهِمْ } راجع إلى الفريقين .
وثانيها : أنَّ الجهاد عبارة عن بذل الجهد وليس في اللفظ ما يدلُّ على أنَّ الجهاد بالسَّيف أو باللِّسانِ أو بطريق آخر . فقال ابن مسعودٍ : بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لَمْ يَسْتَطعْ فبقَلبِهِ . وقال : لا يلقى المنافق إلاَّ بوجه مكفهر . وقال ابنُ عبَّاسٍ : باللِّسانِ وترك الرفق{[17977]} .
وثالثها : قال الحسنُ وقتادةُ : بإقامةِ الحدودِ عليهم{[17978]}
قال القاضي : وهذا ليس بشيء ؛ لأنَّ إقامة الحدود واجبةٌ على من ليس بمُنافقٍ .
قوله : { وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ } قال أبُو البقاءِ : إن قيل كيف حسنتِ الواوُ هنا والفاء أشبه بهذا الموضع ؟ ففيه ثلاثة أوجه :
أحدها : أنَّ الواو واو الحالِ والتقدير : افعل ذلك في حال استحقاقهم جهنَّم ، وتلك الحال حال كفرهم ونفاقهم .
والثاني : أنَّ الواو جيء بها تنبيهاً على إرادة فعل محذوف ، تقديره : واعلمْ أنَّ مأواهم جهنم .
الثالث : أنَّ الكلام حمل على المعنى والمعنى أنَّه قد اجتمع لهم عذابُ الدُّنيا بالجهاد والغلظة ، وعذابُ الآخرة بجعل جهنَّم مأواهم . ولا حاجة إلى هذا كُلِّه ، بل هي جملةُ استثنافية .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.