البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{يَـٰٓأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَٰهِدِ ٱلۡكُفَّارَ وَٱلۡمُنَٰفِقِينَ وَٱغۡلُظۡ عَلَيۡهِمۡۚ وَمَأۡوَىٰهُمۡ جَهَنَّمُۖ وَبِئۡسَ ٱلۡمَصِيرُ} (73)

{ يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم وبئس المصير } : لما ذكر وعيد غير المؤمنين وكانت السورة قد نزلت في المنافقين بدأبهم في ذلك بقوله : { وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم } ولما ذكر أمر الجهاد ، وكان الكفار غير المنافقين أشد شكيمة وأقوى أسباباً في القتال وإنكاء بتصديهم للقتال ، قال : جاهد الكفار والمنافقين فبدأ بهم .

قال ابن عباس وغيره : جاهد الكفار بالسيف ، والمنافقين باللسان .

وقال الحسن وقتادة : والمنافقين بإقامة الحدود عليهم إذا تعاطوا أسبابها .

وقال ابن مسعود : جاهدهم باليد ، فإن لم تستطع فباللسان ، فإن لم تستطع فبالقلب ، وإلاكفرار في وجوههم ، وأغلظ عليهم في الجهادين .

والغلظ ضد الرقة ، والمراد خشونة الكلام وتعجيل الانتقام على خلاف ما أمر به في حق المؤمنين .

واخف جناحك للمؤمنين وكل من وقف منه على فساد في العقائد ، فهذا حكمه يجاهد بالحجة ، ويستعمل معه الغلظ ما أمكن .