كبائر الإثم : كبائر الذنوب ، وقرئ : ( كبير الإثم ) .
الفواحش : ما عظم قبحه من الذنوب كالزنا .
37- { والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون } .
هذه الآية مكملة لصفات الذين آمنوا في الآية السابقة ، أي : ومن صفات الذين آمنوا أنهم يبتعدون عن كبائر الذنوب ، مثل : الشرك بالله ، وعقوق الوالدين ، وشهادة الزور ، والزنا ، والربا ، والقتل ، والسحر ، وتطلق الفواحش على كل ما عظم قبحه وفحش أمره .
{ الفواحش } . يعني الزنا ، أي : هم مبتعدون عن كل ما يغضب الله ، خصوصا كبائر الذنوب .
سئل بعضهم عن التقوى فقال : ( ألا يراك الله حيث نهاك ، وألا يفقدك حيث أمرك ) .
ومن شأنهم ألا يستبد بهم الغضب فيخرجهم عن حد الاعتدال ، بل إذا غضبوا غفروا لمن أغضبهم تمسكا بآداب الدين .
ذكر أبو حامد الغزالي في كتاب ( إحياء علوم الدين ) أبواب المهلكات ، ومنها : الحقد ، والحسد ، والضغينة ، والكبر ، والغضب ، وبين أن الغضب سبع مفترس يجعل الإنسان لعبة في يد الشيطان ، لأن الإنسان إذا سكر وإذا غضب ؛ ضعفت سيطرته على عقله ، وأصبح فريسة لهواه ، فيفعل ما يندم على فعله .
ومن علاج الغضب تذكّر هوان الدنيا ، وأنها لا تزن جناح بعوضة ، والغضب وسيلة إلى أمراض متعددة مثل تصلب الشرايين ، والضغط المرتفع ، والسكر ، وعلاج ذلك محاولة الهدوء والاتزان والرضا والإيمان .
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما انتقم لنفسه قط إلا أن تنتهك حرمات الله16 .
وفي الحديث النبوي يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( ثلاث أقسم عليهن : ما نقص مال من صدقة ، وما تواضع أحد لله إلا رفعه ، وما زاد الله عبدا يعفو إلا عزا فاعفوا يعزكم الله )17 .
والموصول في قوله تعالى : { والذين يَجْتَنِبُونَ كبائر الإثم والفواحش وَإِذَا مَا هُمْ يَغْفِرُونَ } مع ما بعد اما عطف على الموصول الأول أو هو مدح مرفوع على الخبرية لمبتدأ محذوف أو منصوب بمقدر كاعنى أو أمدح ، والواو اعتراضية كما كما ذكره الرضى ، وغفل أبو البقاء عن الواو فلم يذكر العطف وذكر بدله البدل ، وكبائر الاثم ما رتب عليه الوعيد أو ما يوجب الحد أو كل ما نهى الله تعالى عنه والفواحش ما فحش وعظم قبحه منها ، وقيل : المراد بالكبائر ما يتعلق بالبدع واستخراج الشبهات وبالفواحش ما يتعلق بالقوة الشهوانية وبقوله تعالى : { وَإِذَا مَا غضبوا هُمْ يَغْفِرُونَ } ما يتعلق بالقوة الغضبية وهو كما ترى ، والمراد بالاثم الجنس والا لقيل الآثام ، و { إِذَا } ظرف ليغفرون و «هم » مبتدأ لا تأكيد لضمير غضبوا ووزه في البحر وجملة يغفرون خبره وتقديمه لإفادة الاختصاص لأنه فاعل معنوي ، واختصاصهم باعتبار أنهم احقاء بذلك دون غيرهم فإن المغفرة حال الغضب عزيزة المثال ، وفي الآية إيماء إلى أنهم يغفرون قبل الاستغفار ، وقيل : { هُمْ } مرفوع بفعل يفسره { يَغْفِرُونَ } ولما حذف انفصل الضمير وليس بشيء ، وجعل أبو البقاء { إِذَا مَا غَضِبُواْ هُمْ يَغْفِرُونَ } جواباً لها ، وتعقبه أبو حيان بأنه يلزم الفاء حينئذ ولا يجوز حذفها إلا في الشعر ، وتقدم لك آنفاً ما ينفعك تذكره فتذكر ، وقرأ حمزة . والكسائي «كبير الاثم » بالإفراد لإرادة الجنس أو الفرد الكامل منه وهو الشرك ، وروي تفسيره به عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما ، ولا يلزم التكرار لأن المراد الاستمرار والدوام { والذين استجابوا لِرَبّهِمْ وَأَقَامُواْ الصلاة } قيل : نزلت في الانصار دعاهم الله تعالى على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم للإيمان به وطاعته سبحانه فاستجابوا له فاثنى عليهم جل وعلا بما أثنى ، وعليه فهو من ذكر الخاص بعد العام لبيان شرفه لإيمانهم دون تردد وتلعثم ، والآية إن كانت مدنية فالأمر ظاهر وإذا كانت مكية فالمراد بالأنصار من آمن بالمدينة قبل الهجرة أو المراد بهم أصحاب العقبة .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.