تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَكَيۡفَ إِذَا تَوَفَّتۡهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ} (27)

24

المفردات :

فكيف إذا توفتهم الملائكة : كيف حالهم ، أو كيف يعملون ويحتالون حينئذ .

يضربون وجوههم وأدبارهم : تصوير للأهوال والفظائع التي يشهدها المنافقون عند الموت ، حيث تضرب الملائكة وجوههم وظهورهم .

التفسير :

27- { فكيف إذا توفتهم الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم } .

كيف يكون حال هؤلاء العصاة المنافقين إذا ما انتهت حياتهم ، وحضرت الملائكة لاستخراج أرواحهم ، وتعاصت الأرواح عن الخروج من الجسد ، واشتدت الحشرجة ، والملائكة يضربون وجوههم من الأمام ، وأدبارهم من الخلف ، هل يستطيعون أن يتلونوا أو ينافقوا عند موتهم ، وهو آت لاشك في ذلك ؟

وقد جاء هذا المعنى في قوله تعالى : { ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة يضربون وجوههم وأدبارهم وذوقوا عذاب الحريق * ذلك بما قدمت أيديكم وأن الله ليس بظلام للعبيد } . ( الأنفال : 50 ، 51 ) .

وقال تعالى : { ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون } . ( الأنعام : 93 ) .

قال المفسرون : وضرب الوجوه والأدبار زيادة في المهانة والإذلال ، وعن ابن عباس قال : لا يتوفى أحد على معصية إلا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره .

 
روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{فَكَيۡفَ إِذَا تَوَفَّتۡهُمُ ٱلۡمَلَـٰٓئِكَةُ يَضۡرِبُونَ وُجُوهَهُمۡ وَأَدۡبَٰرَهُمۡ} (27)

والفاء في قوله سبحانه : { فَكَيْفَ إِذَا تَوَفَّتْهُمُ الملائكة } لترتيب ما بعدها على ما قبلها ، { وَكَيْفَ } منصوب بفعل محذوف هو العامل في الظرف كأنه قيل : يفعلون في حياتهم ما يفعلون من الحيل فكيف يفعلون إذا توفتهم الملائكة ، وقيل : مرفوع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أي فكيف حالهم أو حيلتهم إذا توفتهم الخ ، وزعم الطبري أن التقدير فكيف علمه تعالى بأسرارهم إذا توفتهم الخ ، وليس بشيء ، ووقت التوفي هو وقت الموت ، والملائكة عليهم السلام ملك الموت وأعوانه . وقرأ الأعمش { توفاهم } بالألف بدل التاء فاحتمل أن يكون ماضياً وأن يكون مضارعاً حذف منه أحد تاءيه والأصل تتوفاهم { يَضْرِبُونَ وُجُوهَهُمْ وأدبارهم } حال من الملائكة ، وجوز كونه حالاً من ضمير { تَوَفَّتْهُمُ } وضعفه أبو حيان ، وهو على ما قيل تصوير لتوفيهم على أهول الوجوه وأفظعها وإبراز لما يخافون منه ويجبنون عن القتال لأجله فإن ضرب الوجوه والإدبار في القتال والجهاد مما يتقى ، وعن ابن عباس رضي الله تعالى عنه لا يتوفى أحد على معصية ألا تضرب الملائكة في وجهه وفي دبره ، والكلام على الحقيقة عنده ولا مانع من ذلك وإن لم يحس بالضرب من حضر وما ذلك إلا كسؤال الملكين وسائر أحوال البرزخ .

والمراد بالوجه والدبر قيل العضوان المعروفان . أخرج ابن المنذر عن مجاهد أنه قال : يضربون وجوههم واستاههم ولكن الله سبحانه كريم يكنى ، وقال الراغب . وغيره : المراد القدام والخلف ، وقيل : وقت التوفي وقت سوقهم في القيامة إلى النار والملائكة ملائكة العذاب يومئذٍ ، وقيل : هو وقت القتال والملائكة ملائكة النصر تضرب وجوههم إن ثبتوا وأدبارهم إن هربوا نصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكلا القولين كما ترى .