تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (45)

أمارات الشرك

{ وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون ( 45 ) قل اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك في ما كانوا فيه يختلفون ( 46 ) ولو أن للذين ظلموا ما في الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون ( 47 ) وبدا لهم سيئات ما كسبوا وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون ( 48 ) } .

المفردات :

إذا ذكر الله وحده : دون ذكر الأصنام .

اشمأزت : انقبضت ونفرت .

من دونه : من دون الله .

يستبشرون : يفرحون ويسرّون .

التفسير :

45-{ وإذا ذكر الله وحده اشمأزت قلوب الذين لا يؤمنون بالآخرة وإذا ذكر الذين من دونه إذا هم يستبشرون } .

إن توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة وإخلاص التوجه إليه هدف أساسي من أهداف الإسلام ، لكن هؤلاء المشركين إذا ذكر الله وحده ، خالصا فردا صمدا متفردا بالقدرة والإرادة في هذا الكون ، يغتاظ المشركون أشد الغيظ ، ويغضبون لعدم ذكر آلهتهم ، وإذا ذكرت الأصنام والأوثان ، مثل اللات والعزّى ومناة ، استبشروا وفرحوا ، وظهر أثر ذلك الفرح على بشرة وجوههم .

قال الزمخشري :

ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز ، إذ كل منها غاية في بابه ، لأن الاستبشار هو أن يمتلئ قلبه سرورا ، حتى تنبسط له بشرة وجهه ويتهلل ، والاشمئزاز هو أن يمتلئ غمّا وغيظّا ، حتى يظهر الانقباض في أديم وجهه . ا ه .

وقال ابن عباس :

اشمأزت : قست ونفرت قلوب هؤلاء الأربعة الذين لا يؤمنون بالآخرة ، وهم : أبو جهل بن هشام ، والوليد بن عتبة ، وصفوان ، وأبّي بن خلف .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (45)

قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ } { وَحْدَهُ } ، منصوب على المصدر . وقيل : على الحال{[3983]}

والمعنى : إذا أُفرد الله وحده بالذكر وقيل : لا إله إلا الله { اشْمَأَزَّتْ } أي انقبضت أو نفرت واستنكرت قلوب المشركين المكذبين بيوم الدين . وذلك هو دأب الظالمين المشركين المكذبين بيوم الدين ؛ فإنهم لا يَبَشّون بذكر الحق والإسلام في عقيدته السليمة وتشريعه الكامل . إنهم إذا ذكر الحق أو الإسلام انقبضت قلوبهم فاغتموا واغتاظوا ونفروا نفورا وذلك لسوء طبائعهم وفساد فطرهم التي أُشربت الشرك والضلال والباطل .

قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } إذا ذكرت آلهتهم المزعومة المصطنعة على اختلاف أجناسها ومسمياتها فإنهم يبتهجون بها ويفرحون وتغشاهم غاشية من الهشاشة لفرط ابتهاجهم بتلك الآلهة المكذوبة المفتراة . إن ذلك لهو دأب المشركين الضالين في كل زمان . أولئك الذين يغتاظون بذكر الله وحده أو ذكر دينه الإسلام . لكنهم يفرحون ويَهَشّون بذكر ما ابتدعوه من آلهة مكذوبة أقزام يقدسونها تقديسا ويعبدونها وتعلو وجوههم بذكرها غمرة من البشاشة والسرور . أولئك هم الجاحدون الضالون السفهاء في كل زمان ؛ الذين ينفرون جامحين من الحق ويستبشرون فرحين بالباطل{[3984]} .


[3983]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 324
[3984]:تفسير الطبري ج 24 ص 8 والكشاف ج 3 ص 401