قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت } نفرت ، قال ابن عباس ومجاهد ومقاتل : أي انْقَبَضَتْ عن التَّوحيد وقال قتادة استكبرتْ ، وأصل الاشمئزاز النُّفور والاسْتِكبَار{[47510]} { قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } وهذا نوع آخر من أعمال المشركين القبيحة { وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ } يعني الأصنام { إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } يعني يفرحون . قال مجاهد ومقاتل : وذلك حين قرأ النبي - صلى الله عليه وسلم - سورة والنجم فألقى الشيطانُ في أُمْنِيَّةِ «تلك الغَرَانيق{[47511]} العُلاَ » ففرح به الكفار .
قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ الذين } قال الزمخشري : فإن قلت : ما العامل في : «إذَا ذُكِرَ » ؟
قلت : العامل فيه «إذا » الفجائية{[47512]} تقديره وقت ذِكْرِ الَّذِينَ من دونه فَاجَأوا وَقْتَ الاستبشار{[47513]} .
قال أبو حيان : أما قول الزمخشري فلا أعلمه من قول من ينتمي إلى النحو وهو أن الظرفين مَعْمولاَن{[47514]} «لِفَاجَأُوا » ثُمَّ «إذا » الأول تنصب على الظرفية والثانية على المفعولية{[47515]} . وقال الحَوْفي : «إذَا هُمْ يَسْتبشرُونَ » «إذَا » مضافة إلى الابتداء والخبر ، و «إذا » مكررة للتوكيد ، وحذف ما يضاف إليه ، والتقدير : إذا كان ذلك هم يَسْتَبْشِرونَ ، فيكون ( هم يستبشرون ) هو العامل في «إذا » المعنى : إذا كان كذلك استبشروا{[47516]} .
قال أبو حيان : هذا يبعد{[47517]} جداً عن الصواب إذا{[47518]} جعل «إذَا » مضافة إلى الابتداء والخبر ، ثم قال و «إذا » مكررة للتوكيد وحذف ما يضاف{[47519]} إليه إلى آخره كلامه . ( فإذا كانت{[47520]} إذا حذف ما يضاف إليه ) فكيف تكون مضافة إلى الابتداء والخبر الذي هو «هم يستبشرون » ! وهذا كله يوجبه عدم الإتقان لعلم النحو والتحذق{[47521]} فيه ، انتهى{[47522]} .
قال شهاب الدين : وفي هذه العبارة تحامل على أهل العلم المرجوع إليهم فيه{[47523]} . واختار أبو حيان أن يكون العامل في «إذا » الشرطية الفعل بعدها لا جوابها وأنها ليست مضافة لما بعدها سواء كانت زماناً أم مكاناً أما إذا قيل : إنها حرف فلا يحتاج إلى عامل . وهي رابطة لجملة الجزاء بالشرط كالفاء{[47524]} .
والاشْمِئزَازُ النفور والتَقَبض{[47525]} ، وقال أبو زيد : هو الذعر{[47526]} ، اشمأزَّ فُلاَنٌ أي ذعر ووزنه افْعَلَلَّ كاقْشَعَرَّ ، قال الشاعر :
- إذَا عَضَّ الثِّقَافُ بِهَا اشْمَأَزَّتْ . . . ووَلَّتهُ عَشَوْزَنَه زَبُونَا{[47527]}
قال الزمخشري : ولقد تقابل الاستبشار والاشمئزاز إذ كل واحد منهما في بابه لأن الاستبشار أن يمتلئ قلبه سروراً حتى يظهر ذلك السرور في أَسِرَّة{[47528]} وجهه ويتهلَّل ، والاشمئزاز أن يعظم «غَمُّه ){[47529]} وغيظه فينقبض الروح إلى داخل القلب فيبقى في أديم الوجه أثر الغبرة والظلمة الأرضية{[47530]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.