التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (45)

قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِالْآَخِرَةِ } { وَحْدَهُ } ، منصوب على المصدر . وقيل : على الحال{[3983]}

والمعنى : إذا أُفرد الله وحده بالذكر وقيل : لا إله إلا الله { اشْمَأَزَّتْ } أي انقبضت أو نفرت واستنكرت قلوب المشركين المكذبين بيوم الدين . وذلك هو دأب الظالمين المشركين المكذبين بيوم الدين ؛ فإنهم لا يَبَشّون بذكر الحق والإسلام في عقيدته السليمة وتشريعه الكامل . إنهم إذا ذكر الحق أو الإسلام انقبضت قلوبهم فاغتموا واغتاظوا ونفروا نفورا وذلك لسوء طبائعهم وفساد فطرهم التي أُشربت الشرك والضلال والباطل .

قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } إذا ذكرت آلهتهم المزعومة المصطنعة على اختلاف أجناسها ومسمياتها فإنهم يبتهجون بها ويفرحون وتغشاهم غاشية من الهشاشة لفرط ابتهاجهم بتلك الآلهة المكذوبة المفتراة . إن ذلك لهو دأب المشركين الضالين في كل زمان . أولئك الذين يغتاظون بذكر الله وحده أو ذكر دينه الإسلام . لكنهم يفرحون ويَهَشّون بذكر ما ابتدعوه من آلهة مكذوبة أقزام يقدسونها تقديسا ويعبدونها وتعلو وجوههم بذكرها غمرة من البشاشة والسرور . أولئك هم الجاحدون الضالون السفهاء في كل زمان ؛ الذين ينفرون جامحين من الحق ويستبشرون فرحين بالباطل{[3984]} .


[3983]:البيان لابن الأنباري ج 2 ص 324
[3984]:تفسير الطبري ج 24 ص 8 والكشاف ج 3 ص 401