فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَإِذَا ذُكِرَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُ ٱشۡمَأَزَّتۡ قُلُوبُ ٱلَّذِينَ لَا يُؤۡمِنُونَ بِٱلۡأٓخِرَةِۖ وَإِذَا ذُكِرَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦٓ إِذَا هُمۡ يَسۡتَبۡشِرُونَ} (45)

{ وَإِذَا ذُكِرَ الله وَحْدَهُ اشمأزت قُلُوبُ الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بالآخرة } انتصاب { وحده } على الحال عند يونس ، وعلى المصدر عند الخليل وسيبويه ، والاشمئزاز في اللغة : النفور . قال أبو عبيدة : اشمأزت نفرت ، وقال المبرد : انقبضت . وبالأوّل قال قتادة ، وبالثاني قال مجاهد ، والمعنى متقارب . وقال المؤرّج : أنكرت ، وقال أبو زيد : اشمأزّ الرجل ذعر من الفزع ، والمناسب للمقام تفسير اشمأزت بانقبضت ، وهو في الأصل : الازورار ، وكان المشركون إذا قيل لهم : لا إله إلا الله انقبضوا ، كما حكاه الله عنهم في قوله : { وَإِذَا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي القرآن وَحْدَهُ وَلَّوْاْ على أَدْبَارِهِمْ نُفُوراً } [ الإسراء : 46 ] ، ثم ذكر سبحانه استبشارهم بذكر أصنامهم ، فقال : { وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } أي : يفرحون بذلك ، ويبتهجون به ، والعامل في { إذا } في قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ الله } الفعل الذي بعدها ، وهو : اشمأزت ، والعامل في إذا في قوله : { وَإِذَا ذُكِرَ الذين مِن دُونِهِ } الفعل العامل في إذا الفجائية ، والتقدير : فاجئوا الاستبشار وقت ذكر الذين من دونه .

/خ48