تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

13

المفردات :

فاستكبروا : تعظموا وتعالوا ، وقالوا : من أشدّ منّا قوة ؟

بغير الحق : ادعوا أنهم أقوياء ، قادرون على صدّ أي عذاب يأتيهم مهما كان مصدره .

يجحدون : ينكرون مع علمهم أنه الحق .

التفسير :

15-{ فأما عاد فاستكبروا في الأرض بغير الحق وقالوا من أشد منا قوة أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون } .

كانت عاد في نعمة وعافية ، أجسامهم قوية ، وأَنْعُم الله عليهم متوالية ، وجاء إليهم هود عليه السلام يقدّم إليهم نصيحته ، ويدعوهم إلى الإيمان بالله تعالى والاستقامة على منهجه ، فرفضوا الإيمان ، واستهزأوا بالإنذار والوعيد ، وطغوا وبغوا وتمرّدوا على هدى السماء ، وقالوا لرسولهم : لا أحد أقوى منّا حتى يقهرنا ، ونحن قادرون على دفع ما ينزل بنا من عذاب .

{ أو لم يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة وكانوا بآياتنا يجحدون } .

أو لم ينظروا إلى قدرة الإله القادر ، الذي خلق السماء والأرض وما بينهما في ستة أيام ، وهو على كل شيء قدير ، أمره بين الكاف والنون ، وهو فعال لما يريد ، لا ملجأ ولا مهرب منه إلاّ إليه .

قال تعالى : { إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } . ( يس : 82 ) .

لقد قاسوا قوتهم إلى قوة الخالق ، وشتان بين قوة المخلوق وقوة الخالق ، قوة المخلوق محدودة وقوة الخالق لا حدود لها ، ولا شيء يعجزه سبحانه ، ومع ذلك فهو عادل في عقابه .

قال تعالى : { إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون } . ( يونس : 44 ) .

وقوله عز شأنه : { وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له ، وما لهم من دونه من وال } . ( الرعد : 11 ) .

لقد كانوا يعرفون صدق الرسالة ، وصدق الرسول ، وصدق المعجزات ، ولكنهم جحدوا الرسالة كما يجحد المودَع إليه الوديعة .

{ وكانوا بآياتنا يجحدون } . أي : ينكرون المعجزات والأدلة الدامغة التي هي حجة عليهم ، ويعصون الرسول .

/خ18

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَلَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بِـَٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ} (15)

قوله : { فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ } أي عصوا ربهم وعتوا عن أمره وتولوا معرضين معاندين { وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً } كانوا مغترين بصلابتهم وقوة أجسادهم . فاعتقدوا بغرورهم هذا أنهم ممتنعون من بأس الله إذا نزل بهم .

قوله : { أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً } استفهام توبيخ وتعنيف لهؤلاء الضالين المغرورين . أفلا يعلمون أن الله الذي يبارزونه بالعداوة والاستكبار لهو أشد قوة من قوتهم ؛ فهو خالقهم ومالكهم وإن شاء أهلكهم ودمّر عليهم بعد أن تمردوا وولوا معاندين جاحدين بآيات الله وهي دلائله وحججه ومعجزاته .