تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

1

المفردات :

وما تفرق : اختلفوا إلى طوائف في الدين .

ما جاءتهم البينة : يتحقق الموعود برسالة محمد صلى الله عليه وسلم .

التفسير :

4- وما تفرّق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البيّنة .

كان اليهود والنصارى يقرأون في كتبهم أن نبيا أظلّ زمانه ، بشّرت بذلك التوراة والإنجيل ، كما قال تعالى : الذين يتّبعون الرسول النبيّ الأميّ الذي يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل يأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر . . . ( الأعراف : 157 ) .

وكما قال تعالى : وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله مصدّقا لما بين يديّ من التوراة ومبشّرا يأتي من بعدي اسمه أحمد . . . ( الصف : 6 ) .

وفي الحديث الشريف يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لو كان موسى بن عمران حيّا ما وسعه إلا اتّباعي )iii .

لقد كانوا قبل البعثة المحمدية متفقين على انتظار نبيّ آخر الزمان ، وأنه النبي الخاتم ، وكان اليهود يقولون لإخوانهم من العرب من الأوس والخزرج : لقد أظل زمان نبيّ نعرف صفاته ، فسنتبعه ونقتلكم به قتل عاد وإرم ، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به . . . ( البقرة : 89 ) .

لقد آمن بعض أهل الكتاب ودخلوا في الإسلام ، مثل عبد الله بن سلام من اليهود ، وكفر آخرون زاعمين أن محمدا ليس هو النبي الذي بشرت به التوراة والإنجيل ، وأن هذا النبي سيأتي فيما بعد ، لكن القرآن قد صدق في أن محمدا صلى الله عليه وسلم كان ، رسول الله وخاتم النبيّين . . . ( الأحزاب : 40 ) . ولن يأتي رسول بعد محمد ، فإن من أسمائه العاقب ، أي الذي يأتي في آخر الزمان .

قال صلى الله عليه وسلم : ( أنا العاقب فلا نبي بعدي ) . iv

والخلاصة : أن محمدا صلى الله عليه وسلم لما جاءهم بالرسالة الواضحة البيّنة ، والكتاب الواضح المبين ، اختلفوا : فمنهم من آمن به ، ومنهم من كفر ، مع وجود البينة أي الحجة الواضحة أمامه ، وهي محمد صلى الله عليه وسلم وكتابه المبين .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَمَا تَفَرَّقَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡكِتَٰبَ إِلَّا مِنۢ بَعۡدِ مَا جَآءَتۡهُمُ ٱلۡبَيِّنَةُ} (4)

قوله : { وما تفرّق الذين أوتوا الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة } يعني ما تفرق اليهود والنصارى في أمر محمد صلى الله عليه وسلم فكذبوا به إلا من بعد ما جاءهم البيان من الله بإرساله إليهم رسولا . فهم قد اختلفوا فيه وكذبوه بعد أن جاءهم البيان من الله بأنه نبي مرسل ، وقد كانوا من قبل يجدونه مكتوبا عندهم في التوارة والإنجيل ، ويعلمون أنه مبعوث إلى الناس رسولا .

إنه ما إن بعث محمد إلى الناس رسولا حتى بادره أهل الكتاب – اليهود والنصارى- بالجحد والصد والعدوان والتشكيك ، وليس لهم في ذلك من حجة أو سبب إلا الحقد والحسد ، فضلا عن فساد الطبائع المعوجة التي استحوذ عليها المرض والضلال .