وجاءت سكرة الموت : وأحضرت شدة الموت حقيقة ما كتبه الله على عباده من الموت .
19- { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } .
حضرت لك أيها الإنسان شدة الموت بالحق الذي وعدك به الرسل ، ذلك الحق هو ما كنت عنه تميل وتنصرف عن التفكر فيه ، إنها الحقيقة الكاملة التي تنزل بكل إنسان مهما عظم أمره أو صغر ، مهما طار في الهواء أو غاص في الماء ، أو وصل إلى القمر أو المريخ ، فهناك لحظة يسكن فيها هذا الإنسان ، وتخرج روحه ، ويصبح جثة هامدة ، لا حياة ولا حركة ، لقد نزل به قوله تعالى : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } . نزلت شدة الموت .
وفي الحديث الصحيح ، عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما تغشاه الموت ، جعل يمسح العرق عن وجهه ، ويقول : ( سبحان الله ، إن للموت لسكرات )10 .
ولما ثقل أبو بكر ، جاءت عائشة رضي الله عنها فتمثلت بقول حاتم :
لعمرك ما يغني الثراء عن الفتى *** إذا حشرجت يوما وضاق بها الصدر
فكشف أبو بكر رضي الله عنه عن وجهه ، وقال : ليس كذلك ، ولكن قولي : { وجاءت سكرة الموت بالحق ذلك ما كنت منه تحيد } .
قوله تعالى : { وجاءت سكرة الموت } غمرته وشدته التي تغشى الإنسان وتغلب على عقله ، { بالحق } أي بحقيقة الموت ، وقيل : بالحق من أمر الآخرة حتى يتبينه الإنسان ويراه بالعيان . وقيل : بما يؤول إليه أمر الإنسان من السعادة والشقاوة . ويقال لمن جاءته سكرة الموت : { ذلك ما كنت منه تحيد } تميل ، قال الحسن : تهرب . قال ابن عباس : تكره ، وأصل الحيد الميل ، يقال : حدت عن الشيء أحيد حيداً ومحيداً : إذا ملت عنه .
قوله : { وجاءت سكرة الموت بالحق } { سكرة الموت } أي غمرته وشدته وما يغشى المرء من فظاعة الكرب إذا أتته الملائكة لانتزاع روحه . وحينئذ يظهر له اليقين وينكشف له الحق الذي كان يماري فيه . وهو وعد الله ووعيده .
قوله : { ذلك ما كنت منه تحيد } يقال للمرء إذا غشيه الموت بسكراته الفظيعة : ذلك الذي كنت تعدل عنه وتفرّ منه ولا تعبأ به . فها هو قد جاءك فلا مناص عنه ولا محيد . وقيل : { ما } نافية ، أي ذلك ما لا يستطيع مجانبته والحيدة عنه .
فهذه هي غمرة الموت بشدتها وفظاعتها تغشى الناس عند الاحتضار فتذهب بالعقول وتثير الهول والذهول . ويكشف عن هذه الحقيقة الرهيبة ما ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما تغشاه الموت جعل يمسح العرق عن وجهه ويقول " سبحان الله ، إن للموت سكرات " .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.