تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

20

المفردات :

في أنفسكم : كالمرض وموت الأحباب .

في كتاب : هو اللوح المحفوظ .

نبرأها : نخلقها .

التفسير :

22- { مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِير } .

الكون كلّه في قبضة الله ، وفي تقديره وفي علمه ، فالله تعالى هو خالق الكون ، وهو خالق الإنسان ، وهو المدبّر والمنظم لهذا الكون ، بما فيه من سماء وأرض ، وإنس وجن ، وحيوان وطيور ، وزواحف ووحوش ، وأنهار وبحار ، وفلاة وأشجار ، وسائر الموجودات ، وما يقع من مصيبة في الأرض من فساد زراعة أو عاهة في الزرع ، أو غرق أو حريق ، أو في الأنفس من مرض أو فقر أو عاهة ، إلا وهو مكتوب في الأزل ، فقد قدّر الله مقادير الأشياء من قبل أن يخلق السماء والأرض ، وأحكم كل شيء وفصّله تفصيلا ، وكل شيء كائن في علمه تعالى وتقديره من قبل أن يحدث ، وذلك أمر هيّن عليه ، وإن كان صعبا على البشر .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

قوله عز وجل :{ ما أصاب من مصيبة في الأرض } يعني : قحط المطر ، وقلة النبات ، ونقص الثمار ، { ولا في أنفسكم } يعني : الأمراض وفقد الأولاد ، { إلا في كتاب } يعني : اللوح المحفوظ ، { من قبل أن نبرأها } من قبل أن نخلق الأرض والأنفس . قال ابن عباس : من قبل أن نبرأ المصيبة . وقال أبو العالية : يعني النسمة ، { إن ذلك على الله يسير } أي إثبات ذلك على كثرته هين على الله عز وجل .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{ما أصاب من مصيبة في الأرض} من قحط المطر، وقلة النبات، ونقص الثمار، {ولا في أنفسكم} يقول: ما أصاب هذه النفس من البلاء... {إلا في كتاب} مكتوب يعني اللوح المحفوظ {من قبل أن نبرأها} يعني من قبل أن يخلق هذه النفس {إن ذلك} الذي أصابها في كتاب يعني اللوح المحفوظ، إن ذلك {على الله يسير} يقول: هين على الله تعالى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: ما أصابكم أيها الناس من مصيبة في الأرض بجدوبها وقحوطها، وذهاب زرعها وفسادها" وَلا فِي أنْفُسِكُمْ "بالأوصاب والأوجاع والأسقام إلاّ فِي كِتابٍ يعني إلا في أمّ الكتاب "مِنْ قَبْل أنْ نَبْرأها" يقول: من قبل أن نبرأ الأنفس، يعني من قبل أن نخلقها...

وقال آخرون: عُنِي بذلك: ما أصاب من مصيبة في دين ولا دنيا...

وقوله: "إنّ ذلكَ على اللّهِ يَسِيرٌ" يقول تعالى ذكره: إن خلق النفوس، وإحصاء ما هي لاقية من المصائب على الله سهل يسير.

المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية 542 هـ :

{ما أصاب من مصيبة}...: ما حدث من حادث خير وشر، فهذا على معنى لفظ: {أصاب} لا على عرف المصيبة، فإن عرفها في الشر. وقال ابن عباس ما معناه: أنه أراد عرف المصيبة وخصها بالذكر، لأنها أهم على البشر، وهي بعض من الحوادث تدل على أن جميع الحوادث خيرها وشرها كذلك.

{نبرأها}... والضمير عائد على المصيبة، وقيل: على {الأرض}، وقيل: على الأنفس...

وهي كلها معان صحاح، لأن الكتاب السابق أزلي قبل هذه كلها.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

(ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها. إن ذلك على الله يسير. لكي لا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما آتاكم، والله لا يحب كل مختال فخور. الذين يبخلون ويأمرون الناس بالبخل، ومن يتول فإن الله هو الغني الحميد).. إن هذا الوجود من الدقة والتقدير بحيث لا يقع فيه حادث إلا وهو مقدر من قبل في تصميمه، محسوب حسابه في كيانه.. لا مكان فيه للمصادفة. ولا شيء فيه جزاف. وقبل خلق الأرض وقبل خلق الأنفس كان في علم الله الكامل الشامل الدقيق كل حدث سيظهر للخلائق في وقته المقدور.. وفي علم الله لا شيء ماض، ولا شيء حاضر، ولا شيء قادم. فتلك الفواصل الزمنية إنما هي معالم لنا -نحن أبناء الفناء- نرى بها حدود الأشياء...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

(ما) نافية و (من) زائدة في النفي للدلالة على نفي الجنس قصداً للعموم.. وتكرير حرف النفي في المعطوف على المنفي في قوله: {ولا في أنفسكم} لقصد الاهتمام بذلك المذكور بخصوصه فإن المصائب الخاصة بالنفس أشد وقعاً على المصاب، فإن المصائب العامة إذا اخْطأَتْه فإنما يتأثر لها تأثراً بالتعقل لا بالحسّ فلا تدوم ملاحظة النفس إياه. والاستثناء في قوله: {إلا في كتاب} استثناء من أحوال منفية ب (ما)، إذ التقدير: ما أصاب من مصيبة في الأرض كائنة في حال إلا في حال كونها مكتوبة في كتاب، أي مثبتة فيه. والكتاب: مجاز عن علم الله تعالى ووجه المشابهة عدم قبوله التبديل والتغيير والتخلف...

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

{ ما أصاب من مصيبة في الأرض } بالجدب { ولا في أنفسكم } بالمرض والموت والخسران { إلا في كتاب } أي اللوح المحفوظ { من قبل أن نبرأها } نخلق تلك المصيبة { إن ذلك على الله يسير } أي خلقها في وقتها بعد أن كتبها في اللوح المحفوظ

 
الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

قوله تعالى : " ما أصاب من مصيبة في الأرض " قال مقاتل : القحط وقلة النبات والثمار . وقيل : الجوائح في الزرع . " ولا في أنفسكم " بالأوصاب والأسقام ، قاله قتادة . وقيل : إقامة الحدود ، قاله ابن حيان . وقيل : ضيق المعاش ، وهذا معنى رواه ابن جريج . " إلا في كتاب " يعني في اللوح المحفوظ . " من قبل أن نبرأها " الضمير في " نبرأها " عائد على النفوس أو الأرض أو المصائب أو الجميع . وقال ابن عباس : من قبل أن يخلق المصيبة . وقال سعيد بن جبير : من قبل أن يخلق الأرض والنفس . " إن ذلك على الله يسير " أي خلق ذلك وحفظ جميعه " على الله يسير " هين . قال الربيع بن صالح : لما أخذ سعيد بن جبير رضي الله عنه بكيت ، فقال : ما يبكيك ؟ قلت : أبكي لما أرى بك ولما تذهب إليه . قال : فلا تبك فإنه كان في علم الله أن يكون ، ألم تسمع قوله تعالى : " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم " الآية . وقال ابن عباس : لما خلق الله القلم قال له اكتب ، فكتب ما هو كائن إلى يوم القيامة . ولقد ترك لهذه الآية جماعة من الفضلاء الدواء في أمراضهم فلم يستعملوه ثقة بربهم وتوكلا عليه ، وقالوا قد علم الله أيام المرض وأيام الصحة ، فلو حرص الخلق على تقليل ذلك أو زيادته ما قدروا ، قال الله تعالى : " ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها " . وقد قيل : إن هذه الآية تتصل بما قبل ، وهو أن الله سبحانه هون عليهم ما يصيبهم في الجهاد من قتل وجرح ، وبين أن ما يخلفهم عن الجهاد من المحافظة على الأموال وما يقع فيها من خسران ، فالكل مكتوب مقدر لا مدفع له ، وإنما على المرء امتثال الأمر .

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

{ ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا أنفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها } المعنى : أن الأمور كلها مقدرة مكتوبة في اللوح المحفوظ من قبل أن تكون ، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الله كتب مقادير الأشياء قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة وعرشه على الماء " ، والمصيبة هنا عبارة عن كل ما يصيب من خير أو شر وقيل : أراد به المصيبة في العرف وهو ما يصيب من الشر وخص ذلك بالذكر لأنه أهم على الناس وفي الأرض يعني : القحوط والزلازل وغير ذلك وفي أنفسكم يعني الموت ، والمرض ، والفقر ، وغير ذلك ونبرأها معناه : نخلقها والضمير يعود على المصيبة أو على أنفسكم أو على الأرض ، وقيل : يعود على جميعها لأن المعنى صحيح في كلها .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

ولما كانت الدنيا مانعة عن العكوف إلى الآخرة بلذاتها وآلائها{[62586]} ، وكانت كما أنها منزل رخاء هي دار بلاء{[62587]} ، وكان قد اقتصر سبحانه في الآية السالفة على الأول لأن السياق للإنفاق والترغيب في معالي الأخلاق وجعل المسابقة إلى السعادة نتيجة الزهد فيها ، تحركت النفس {[62588]}إلى السؤال{[62589]} عما يعوق عن الخير من الضرب بسياط البلاء فقال مسلياً عنه لأن النفوس أشد تأثراً بالمكاره وأسرع انفعالاً بالمقارع ومحققاً ومغرياً بالإعلام بأنه لم يكن فيها خير ولا شر إلا بقضاء حتم في الأزل وقدر أحكم ووجب حين لم يكن غيره{[62590]} شيء عز وجل ، وذكر فعل المؤنث الجائز التذكير لكون التأنيث غير حقيقي إشارة إلى عظم وقع الشر : { ما أصاب } وأكد النفي فقال : { من مصيبة } وهي في الأصل لكل آت من خير أو شر إلا{[62591]} أن العرف خصها بالشر ، وعم الساكن والمتحرك بقوله : { في الأرض } أي من منابتها ومياهها ونحو ذلك { ولا في أنفسكم } أي{[62592]} بموت ومرض وعين وعرض { إلا } هي كائنة { في كتاب } أي مكتوب لأنه مقدر{[62593]} مفروغ من القدم ، وبين أن الكتابة حدثت بعد أن كان هو سبحانه ولا شيء معه بإدخال الجارّ فقال : { من قبل أن نبرأها } أي نخلق ونوجد ونقدر المصيبة والأرض والأنفس ، وهذا دليل على أن اكتساب العباد يجعله سبحانه وتقديره .

ولما كان ذلك متعذراً على المخلوق فهو أشد شيء تكرهاً له وقوفاً مع الوهم قال مؤكداً : { إن ذلك } أي الأمر الجليل وهو علمه بالشيء وكتبه له على تفاصيله قبل كونه ، ثم سوقه النفوس والأسباب إلى إخراجه بعد التكوين على مقدار ما سبق علمه به وكتبه له { على الله } أي على ما له من الإحاطة بالكمال { يسير * } لأن علمه محيط بكل شيء وقدرته شاملة لا يعجزها شيء .


[62586]:- من ظ، وفي الأصل: الأمهات.
[62587]:- زيد من ظ.
[62588]:- من ظ، وفي الأصل: للسوال.
[62589]:- من ظ، وفي الأصل: للسوال.
[62590]:- زيد من ظ.
[62591]:- من ظ، وفي الأصل: لا.
[62592]:- زيد من ظ.
[62593]:- من ظ، وفي الأصل: تقدر.