البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{مَآ أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٖ فِي ٱلۡأَرۡضِ وَلَا فِيٓ أَنفُسِكُمۡ إِلَّا فِي كِتَٰبٖ مِّن قَبۡلِ أَن نَّبۡرَأَهَآۚ إِنَّ ذَٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ يَسِيرٞ} (22)

{ ما أصاب من مصيبة } : أي مصيبة ، وذكر فعلها ، وهو جائز التذكير والتأنيث ، ومن التأنيث { ما تسبق من أمة أجلها } ولفظ مصيبة يدل على الشر ، لأن عرفها ذلك .

قال ابن عباس ما معناه : أنه أراد عرف المصيبة ، وهو استعمالها في الشر ، وخصصها بالذكر لأنها أهم على البشر .

والمصيبة في الأرض مثل القحط والزلزلة وعاهة الزرع ، وفي الأنفس : الأسقام والموت .

وقيل : المراد بالمصيبة الحوادث كلها من خير وشر ، { إلا في كتاب } : هو اللوح المحفوظ ، أي مكتوبة فيه ، { من قبل أن نبرأها } : أي نخلقها .

برأ : خلق ، والضمير في نبرأها الظاهر أنه يعود على المصيبة ، لأنها هي المحدث عنها ، وذكر الأرض والأنفس هو على سبيل محل المصيبة .

وقيل : يعود على الأرض .

وقيل : على الأنفس ، قاله ابن عباس وقتادة وجماعة .

وذكر المهدوي جواز عود الضمير على جميع ما ذكر .

قال ابن عطية : وهي كلها معارف صحاح ، لأن الكتاب السابق أزليّ قبل هذه كلها . انتهى .

{ إن ذلك } : أي يحصل كل ما ذكر في كتاب وتقديره ، { على الله يسير } : أي سهل ، وإن كان عسيراً على العباد .