تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّهُۥٓ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن يُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُواْۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ} (12)

10

والقرآن الكريم لا يجيبهم إلى طلبهم ، بل يخبرهم عن سبب عذابهم فيقول :

12-{ ذالكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم وإن يشرك به تؤمنوا فالحكم لله العلي الكبير } .

أي : هذا العذاب الشديد وعدم خروجكم من جهنم عائدين إلى الدنيا ، ورفض العودة إليها لأنكم كنتم في الدنيا إذا دعيتم إلى توحيد الله والإيمان به أعرضتم ، وإذا دُعي الله وحده لا شريك له كفرتم ، وأنكرتم أن تكون الألوهية له خاصة ، وأن أشرك به مشرك صدقتموه وآزرتموه .

فالحكم اليوم والأمر اليوم بيد الله العليّ ، صاحب الكبرياء والعظمة ، الذي ليس كمثله شيء ، ومن ثم اشتدت سطوته على من أشركوا به ، واقتضت حكمته أن يعذّبوا في جهنم ، فلا سبيل إلى خروجكم من جهنم ، فقد أعطاكم فرصة سانحة في الدنيا ، حين خلقكم ورزقكم ، وأرسل إليكم الرسل ، وأنزل إليكم الكتب ، فجحدتم الإيمان به ، وكفرتم برسوله ، فاستحققتم عذاب النار ، ولا مناص لكم عنها .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّهُۥٓ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن يُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُواْۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ} (12)

قال الله تعالى :{ ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم } فيه متروك استغني عنه لدلالة الظاهر عليه ، مجازه فأجيبوا أن لا سبيل إلى ذلك ، وهذا العذاب والخلود في النار بأنكم إذا دعي الله وحده كفرتم ، أي : إذا قيل : لا إله إلا الله أنكرتم ، وقلتم : { أجعل الآلهة إلهاً واحداً } ( ص-5 ) { وإن يشرك به } غيره { تؤمنوا } تصدقوا ذلك الشرك { فالحكم لله العلي الكبير } الذي لا أعلى منه ولا أكبر .

 
الوجيز في تفسير الكتاب العزيز للواحدي - الواحدي [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّهُۥٓ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن يُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُواْۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ} (12)

{ ذلكم } العذاب { بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم } نكرتم وحدانيته { وإن يشرك به تؤمنوا } تصدقوا ذلك الشرك { فالحكم لله } في إنزال العذاب بكم لا يمنعه عن ذلك مانع

 
التسهيل لعلوم التنزيل، لابن جزي - ابن جزي [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّهُۥٓ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن يُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُواْۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ} (12)

{ ذلكم بأنه إذا دعي الله وحده كفرتم } الباء سببية للتعليل والإشارة بذلكم يحتمل أن تكون للعذاب الذي هم فيه أو إلى مقت الله لهم أو مقتهم لأنفسهم والأحسن أن تكون إشارة إلى ما يقتضيه سياق الكلام وذلك أنهم لما قالوا : { فهل إلى خروج من سبيل } كأنهم قيل لهم : لا سبيل إلى الخروج فالإشارة بقوله : { ذلكم } إلى عدم خروجهم من النار .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّهُۥٓ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن يُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُواْۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ} (12)

ولما كان الجواب قطعاً : لا سبيل إلى ذلك ، علله بقوله : { ذلكم } أي القضاء النافذ العظيم العالي بتخليدكم في النار مقتاً منه لكم { بأنه } أي كان بسبب أنه { إذا دُعي الله } أي وجدت ولو مرة واحدة دعوة الملك الأعظم من أي داع كان { وحده } أي محكوماً له بالوحدة أو منفرداً من غير شريك { كفرتم } أي هذا طبعكم دائماً رجعتم إلى الدنيا أولاً { وإن يشرَك به } أي يوقع الإشراك به ويجدد ولو بعدد الأنفاس من أي مشرك كان { تؤمنوا } أي بالشركاء وتجددوا ذلك غير متحاشين ومن تجديد الكفر وهذا مفهم لأن حب الله للإنسان أكبر من حبه له الدال عليه توفيقه له في أنه إذا ذكر الله وحده آمن ، وإن ذكر معه غيره على طريقة تؤل إلى الشركة كفر بذلك الغير وجعل الأمر لله وحده { فالحكم } أي فتسبب عن القطع بأن لا رجعة ، وأن الكفار ما ضروا إلا أنفسهم مع ادعائهم العقول الراجحة ونفوذ ذلك أن كل حكم { لله } أي المحيط بصفات الكمال خاص به لا دخل للعوائد في أحكامه بل مهما شاء فعل إجراء على العوائد او خرقاً لها { العلي } أي وحده عن أن يكون له شريك ، فكذب قول أبي سفيان يوم أحد " اعل هبل " وقول ابن عربي أحد أتباع فرعون أكذب وأقبح وأبطل حيث قال : العلي علا عن من وما ثم إلا هو ، فعليه الخزي واللعنة وعلى من قال بقوله وعلى من توقف في لعنه .

ولما كانت النفوس لا تنقاد غاية الانقياد للحاكم إلا مع العظمة الزائدة والقدم في المجد ، قال معبراً بما يجمع العظمة والقدم : { الكبير * } الذي لا يليق الكبر إلا له ، وكبر كل متكبر وكبر كل كبير متضائل تحت دائرة كبره وكبره ، وعذابه مناسب لكبريائه فما أسفه من شقي بالكبراء فإنهم يلجئون أنفسهم إلى أن يقولوا ما لا يجديهم { ربنا إنا أطعنا سادتنا وكبراءنا } :