فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ذَٰلِكُم بِأَنَّهُۥٓ إِذَا دُعِيَ ٱللَّهُ وَحۡدَهُۥ كَفَرۡتُمۡ وَإِن يُشۡرَكۡ بِهِۦ تُؤۡمِنُواْۚ فَٱلۡحُكۡمُ لِلَّهِ ٱلۡعَلِيِّ ٱلۡكَبِيرِ} (12)

ثم أجاب الله سبحانه عن قولهم هذا بقوله : { ذَلِكُمْ بِأَنَّهُ إِذَا دُعِيَ اللَّهُ وَحْدَهُ كَفَرْتُمْ وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ تُؤْمِنُوا فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ ( 12 ) }{ ذَلِكُمْ } مرفوع على أنه خبر مبتدأ محذوف أي الأمر ذلكم ، أو مبتدأ خبره محذوف ، أي ذلكم العذاب الذي أنتم فيه { بِأَنَّهُ } أي بسبب أنه { إِذَا دُعِيَ اللَّهُ } في الدنيا { وَحْدَهُ } دون غيره { كَفَرْتُمْ به } وتركتم توحيده { وَإِنْ يُشْرَكْ بِهِ } غيره من الأصنام أو غيرها { تُؤْمِنُوا } بالإشراك وتصدقوا به ، وتجيبوا الداعي إليه فبين سبحانه لهم السبب الباعث على عدم إجابتهم إلى الخروج من النار ، وهو ما كانوا فيه من إشراك غيره به في العبادة التي رأسها الدعاء ، وترك توحيد الله .

{ فَالْحُكْمُ لِلَّهِ } وحده دون غيره وهو الذي حكم عليكم بالخلود في النار ، وعدم الخروج منها فتعذيبه لكم عدل نافذ { الْعَلِيِّ } المتعالي سلطانه عن أن يكون له مماثل قي ذاته وصفاته فلا يرد قضاؤه { الْكَبِيرِ } الذي كبر عن أن يكون له مثل أو صاحبة أو ولد أو شريك فلا يحد جزاؤه ، وقيل : كأن الحرورية أخذوا قولهم : لا حكم إلا لله من هذا . وقال قتادة : لما خرج أهل حروراء قال علي : من هؤلاء ؟ قيل : المحكمون أي يقولون : لا حكم إلا لله ، فقال علي كلمة حق أريد بها الباطل .