تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

21

المفردات :

لا تذرن آلهتكم : التزموا عبادتها ولا تتركوها على الإطلاق .

ودّ وسواع : أسماء أصنام كانوا يعبدونها .

التفسير :

23- وقالوا لا تذرنّ آلهتكم ولا تذرنّ ودّا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا .

قال هؤلاء القادة المضلّلون لأتباعهم : لا تتبعوا نوحا ولا تعبدوا رب نوح ، ولا تتركوا عبادة آلهتكم ، أي التي عبدتموها سابقا فصارت آلهتكم ، لإثارة النخوة فيهم حتى يتعصبوا لها ، ولا تتركوا عبادة الأصنام والأوثان كلها ، وخصوصا عبادة الخمسة الكبار .

ولا تذرنّ ودّا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا .

وهي أصنام انتقلت إلى العرب فيما بعد ، وهي أسماء لأشخاص صالحين ، زيّن الشيطان لبعض أتباعهم أن يتخذوا لهم صورا ورموزا ، ليكون هذا أنشط لهم في العبادة والاقتداء ، فصوّروهم ، فلما ماتوا وجاء آخرون دبّ إليهم إبليس ، فقال : إنما كانوا يعبدونهم ، وبهم يسقون المطر ، فعبدوهم . ii .

وقد أخرج البخاري ، وابن المنذر ، وابن مردويه ، عن ابن عباس قال : صارت هذه الأوثان في العرب بعد ، فكان :

ودّ : لكلب .

سواع : لهذيل .

يغوث : لغطيف بالجرف عند سبأ .

يعوق : لهمدان .

نسر : لحمير آل ذي الكلاع . اه .

وهناك أصنام أخرى لأقوام آخرين ، مثل :

اللات : لثقيف بالطائف .

العزّى : لسليم وغطفان وجشم .

مناة : لخزاعة بقديد .

أساف : لأهل مكة .

نائلة : لأهل مكة .

هبل : لأهل مكة ، وهو أكبر الأصنام وأعظمها عندهم ، ومن ثمّ كان يوضع فوق الكعبةiii .

وليس المراد أن أعيان هذه الأصنام صارت إليهم ، بل المراد أنهم أخذوا هذه الأسماء ، وسمّوا بها أصنامهم .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

{ وقالوا } أي لهم في أداني{[68786]} المكر الذي حصل منهم{[68787]} .

ولما كان دعاء الرسل عليهم الصلاة والسلام جديراً{[68788]} بالقبول لما لهم من الجلالة والحلاوة والبيان والرونق والظهور في الفلاح ، أكدوا قولهم : { لا تذرن آلهتكم } أي لا تتركنها {[68789]}على{[68790]} حالة من الحالات لا قبيحة ولا حسنة ، وأضافوها إليهم تحسباً فيها ، ثم خصوا بالتسمية زيادة في الحث وتصريحاً بالمقصود فقالوا مكررين النهي والعامل تأكيداً : { ولا تذرن } ولعلهم كانوا يوافقون العرب في أن الود هو الحب الكثير ، فناسب المقام بذاتهم بقوله : { وداً } وأعادوا النافي{[68791]} تأكيداً فقالوا{[68792]} : { ولا سواعاً * } وأكدوا هذا التأكيد وأبلغوا{[68793]} فيه فقالوا : { ولا يغوث } ولما بلغ التأكيد نهاية وعلم أن المقصود{[68794]} النهي عن كل فرد فرد لا عن المجموع بقيد الجمع أعروا فقالوا : { ويعوق ونسراً * } معرى عن{[68795]} التأكيد للعلم بإرادته ، وكان هؤلاء ناساً صالحين ، فلما ماتوا حزن عليهم الناس ثم زين لهم إبليس تصويرهم تشويقاً إلى العمل بطرائقهم الحسنة{[68796]} فصوروهم ، فلما تمادى الزمان زين لهم عبادتهم لتحصيل المنافع الدنيوية ببركاتهم ثم نسي القوم الصالحون ، وجعلوا أصناماً آلهة من دون الله ، وكانت عبادة هؤلاء أول عبادة الأوثان{[68797]} فأرسل الله سبحانه وتعالى نوحاً عليه الصلاة والسلام للنهي عن ذلك إلى أن كان من أمره وأمر قومه{[68798]} ما هو معلوم ، ثم أخرج إبليس هذه الأصنام بعد الطوفان فوصل شرها إلى العرب ، {[68799]}فكان ود{[68800]} لكلب بدومة الجندل وسواع لهذيل ويغوث لمذحج ويعوق لمراد ونسر لحمير لآل ذي الكلاع ، وقيل غير ذلك - {[68801]}والله أعلم{[68802]} قال البغوي{[68803]} : سواع لهذيل ويغوث لمراد ، ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ ويعوق لهمذان{[68804]} . قال أبو حيان{[68805]} : قال أبو عثمان النهدي{[68806]} : رأيت يغوث وكان من رصاص يحمل على جمل {[68807]}أجرد ، يسيرون معه لا يهيجونه{[68808]} حتى يكون هو الذي يبرك ، فإذا برك نزلوا وقالوا : قد رضي لكم المنزل ، فينزلون حوله ويضربون عليه بناء{[68809]} ، وروي عن ابن عباس{[68810]} رضي الله عنهما في سبب وصول شر تلك الأوثان إلى العرب أنها دفنها الطوفان ثم أخرجها الشيطان لمشركي العرب ، وكانت للعرب أصنام أخر فاللات لثقيف ، والعزى{[68811]} لسليم وغطفان وجشيم ، ومنات بقديد لهذيل ، وإساف ونايلة وهبل لأهل مكة ، وكان إساف حيال الحجر الأسود ، ونايلة حيال الركن اليماني ، وكان هبل في جوف الكعبة - انتهى{[68812]} ، وقال الواقدي : ود على صورة رجل ، وسواع على صورة امرأة ، و{[68813]}يغوث على صورة أسد ، ويعوق على صورة فرس ، ونسر على صورة نسر - انتهى .

ولا يعارض هذا{[68814]} أنهم صور{[68815]} لناس صالحين لأن تصويرهم لهم يمكن أن يكون منتزعاً من معانيهم ، فكأن وداً كان أكملهم في الرجولية ، وكانت سواع امرأة كاملة في العبادة ، وكان يغوث شجاعاً ، ويعوق كان سابقاً قوياً ، وكان نسر عظيماً طويل{[68816]} العمر - والله تعالى أعلم .


[68786]:- من ظ وم، وفي الأصل: أدنى.
[68787]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68788]:- من ظ وم، وفي الأصل: جديره.
[68789]:- من ظ وم، وفي الأصل: لا تتركوها.
[68790]:- زيد في الأصل: أي، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68791]:- زيد في الأصل: في، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68792]:- من ظ وم، وفي الأصل: بقولهم.
[68793]:- من ظ وم، وفي الأصل: بالغوا.
[68794]:- في ظ وم: القصد.
[68795]:- في م: من.
[68796]:- زيد في الأصل: قال، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68797]:- من ظ وم، وفي الأصل: الأوقات.
[68798]:- زيد في الأصل: ما كان و، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68799]:- من ظ وم، وفي الأصل: فكان- مع يسير من البياض، وراجع المعالم 7/ 129.
[68800]:- من ظ وم، وفي الأصل: فكان- مع يسير من البياض، وراجع المعالم 7/ 129.
[68801]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68802]:- سقط ما بين الرقمين من ظ وم.
[68803]:- في المعالم 7/ 129.
[68804]:- زيد في الأصل: والله أعلم، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68805]:- راجع البحر المحيط 8/ 341، وزيد في الأصل: قالوا: ولم تكن الزيادة في و م والبحر فحذفناها.
[68806]:- من ظ وم والبحر، وفي الأصل: الهندي.
[68807]:- من البحر، وفي الأصل: أحمر ولا يهجونه ويسيرون معه.
[68808]:- من البحر، وفي الأصل: أحمر ولا يهجونه ويسيرون معه.
[68809]:- زيد في الأصل: والله أعلم بالصواب، ولم تكن الزيادة في ظ وم فحذفناها.
[68810]:- راجع روح المعاني 9/ 181.
[68811]:- من ظ وم، وفي الأصل: اللات.
[68812]:- سقط من م.
[68813]:- زيد من ظ وم.
[68814]:- زيد من ظ وم.
[68815]:- من ظ وم، وفي الأصل: صورة.
[68816]:- من ظ وم، وفي الأصل: طويلا.
 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{وَقَالُواْ لَا تَذَرُنَّ ءَالِهَتَكُمۡ وَلَا تَذَرُنَّ وَدّٗا وَلَا سُوَاعٗا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسۡرٗا} (23)

قوله : { وقالوا لا تذرنّ آلهتكم } قال الرؤساء والكبراء المتبوعون لعامة الناس وهم التابعون : لا تتركوا عبادة آلهتكم الأصنام { ولا تذرنّ ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا } وهذا من باب عطف الخاص على العام . فهذه أسماء لأصنام كانوا يعبدونها من دون الله . فقد روى البخاري عن ابن عباس قال : صارت الأوثان التي كانت في قوم نوح ، في العرب بعد . أما ودّ ، فكانت لكلب بدومة الجندل . وأما سواع ، فكانت لهذيل . وأما يغوث ، فكانت لمراد ثم لبني غطيف بالجرف عند سبأ . وأما يعوق فكانت لهمدان . وأما نشر ، فكانت لحمير ، لآل ذي كلاع وهي أسماء رجال صالحين من قوم نوح عليه السلام فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابا وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت .

أما ، ود فهو صنم على صورة رجل . وأما سواع فهو على صورة امرأة . وأما يغوت ، فهو على صورة أسد . وأما يعوق فهو على صورة فرس . وأما نسر ، فهو على صورة نسر . فهذه الأصنام الخمسة كانت أكبر أصنامهم وأعظمها عندهم فخصوها بعد العموم .