تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ} (147)

139

147- { وأرسلناه إلى مائة ألف أو يزيدون } .

قيل : أرسله الله إلى قوم آخرين ، فاستجابوا جميعا لدعوته وآمنوا برسالته .

وقال الأكثرون : هم قومه الذين أرسل إليهم قبل ذلك فكذّبوه ، فتوعدهم بالعذاب ، وتركهم يونس قبل أن ينزل بهم ، فتابوا واستغفروا وندموا ، فتاب الله عليهم وقبل توبتهم ، ولما أرسل إليهم يونس بعد نجاته من الغرق ، ونجاته من بطن الحوت ، ورعاية الله له في العراء ، آمن به قومه عن آخرهم ، وكان عددهم يزيد على مائة ألف ولا ينقص ، قيل : يزيد عشرة آلاف ، وقيل : عشرين ألفا ، وقيل أربعين ألفا .

قال تعالى : { فلولا كانت قرية آمنت فنفعها إيمانها إلا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزي في الحياة الدنيا ومتعناهم إلى حين } . [ يونس : 98 ] .

 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ} (147)

لما كان النظر إلى الترجية أعظم ، ختم بها إشارة إلى أنه لا يميته صلى الله عليه وسلم حتى يقر عينه بأمته كثرة طواعية ونعمة ، فقال : { وأرسلناه } : أي بعظمتنا التي لا يقوم لها شيء . ولما لم يتعلق الغرض بتعيين المرسل إليهم ، وهل هم الذين أبق عنهم أولاً ؟ قال : { إلى مائة ألف } ، والجمهور على أنهم الذين أرسل إليهم أولاً . قال أبو حيان : ولما كان العدد الكثير لا يمكن ناظره الوقوع فيه على حقيقة عدده ، بل يصير - وإن أثبت الناس نظراً - يقول : هم كذا يزيدون قليلاً أو ينقصونه ، وتارة يجزم بأنهم لا ينقصون عن كذا ، وأما الزيادة فممكنة ، وتارة يغلب على ظنه الزيادة ، وهو المراد هنا ، قال : { أو يزيدون } ، لأن الترجية في كثرة الأتباع أقر للعين وأسر للقلب ، وإفهاماً لأن الزيادة واقعة ، وهؤلاء المرسل إليهم هم أهل نينوى وهم من غير قومه ، فإن حدود أرض بني إسرائيل الفرات ، ونينوى من شرقي الفرات بعيدة عنه جداً .