الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع  
{وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ} (147)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأرسلناه} قبل أن يلتقمه الحوت.

{إلى مائة ألف} من الناس {أو} يعني بل {يزيدون} على مائة ألف، كقوله عز وجل {قاب قوسين أو أدنى} [النجم:9] بل أدنى، أرسله إلى نينوى.

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره: فأرسلنا يونس إلى مئة ألف من الناس، أو يزيدون على مئة ألف. وذُكر عن ابن عباس أنه كان يقول: معنى قوله "أوْ": بل يزيدون...

وإنما عنى بقوله: {وأرْسَلْناهُ إلى مِئَةِ ألْفٍ أوْ يَزِيدُونَ}: أنه أرسله إلى قومه الذين وعدهم العذاب، فلما أظلّهم تابوا، فكشف الله عنهم. وقيل: إنهم أهل نينَوَى...

وقيل: إن يونس أُرسل إلى أهل نِيْنَوَى بعد ما نبذه الحوت بالعراء.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

... قيل: هو إرسال ثان بعد ما جرى عليه إلى الأولين أو إلى غيرهم، وقيل: أسلموا فسألوه أن يرجع إليهم فأبى، لأنّ النبيّ إذا هاجر عن قومه لم يرجع إليهم مقيماً فيهم، وقال لهم: إن الله باعث إليكم نبياً...

{أَوْ يَزِيدُونَ}... الغرض: الوصف بالكثرة...

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان النظر إلى الترجية أعظم، ختم بها إشارة إلى أنه لا يميته صلى الله عليه وسلم حتى يقر عينه بأمته كثرة طواعية ونعمة، فقال: {وأرسلناه}: أي بعظمتنا التي لا يقوم لها شيء.

ولما لم يتعلق الغرض بتعيين المرسل إليهم، وهل هم الذين أبق عنهم أولاً؟ قال:

{إلى مائة ألف}.

{أو يزيدون}... لأن الترجية في كثرة الأتباع أقر للعين وأسر للقلب، وإفهاماً لأن الزيادة واقعة، وهؤلاء المرسل إليهم هم أهل نينوى وهم من غير قومه، فإن حدود أرض بني إسرائيل الفرات، ونينوى من شرقي الفرات بعيدة عنه جداً...

إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود 982 هـ :

{وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ}...أَخبر أولاً بأنَّه من المرسلين على الإطلاقِ ثم أخبرَ بأنَّه قد أُرسل إلى أمةٍ جمَّةٍ؛ وكأنَّ توسيطَ تذكير وقت هربِه إلى الفُلكِ وما بعده بينهما؛ لتذكير سببهِ وهو ما جرى بينه عليه الصَّلاةُ والسَّلامُ وبين قومِه من إنذاره إيَّاهم عذابَ الله تعالى وتعيينِه لوقت حلوله، وتعلُّلِهم وتعليقِهم لإيمانِهم بظهور أماراتِه كما مرَّ تفصيلُه في سُورة يونسَ؛ ليعلم أنَّ إيمانَهم الذي سيحكى بعد لم يكُن عقيبَ الإرسالِ كما هو المتبادرُ من ترتيبِ الإيمانِ عليه بالفاء بعد اللَّتيا والَّتي...

تفسير القرآن للمراغي 1371 هـ :

فأرسلناه مرة أخرى إلى هؤلاء القوم وقد كانوا مائة ألف بل يزيدون، فاستقامت حالهم وآمنوا به، لأنه بعد أن خرج من بين أظهرهم رأوا أنهم قد أخطؤوا وأنهم إذا لم يتبعوا رسولهم هلكوا كما حدث لمن قبلهم من الأمم، فلما عاد إليهم ودعاهم إلى ربه لبوا الدعوة طائعين منقادين لأمر الله ونهيه، فمتعناهم في هذه الحياة حتى انقضت آجالهم وهلكوا فيمن هلك...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

المرسل إليهم: اليهود القاطنون في نينوَى في أسر الأشوريين كما تقدم.

والظاهر أن الرسول إذا بعث إلى قوم مختلطين بغيرهم أن تعم رسالته جميع الخليط لأن في تمييز البعض بالدعوة تقريراً لكفر غيرهم؛ ولهذا لما بعث الله موسى عليه السلام لتخليص بني إسرائيل دعا فرعون وقومه إلى نبذ عبادة الأصنام، فيحتمل أن المقدرين بمائة ألف هم اليهود وأن المعطوفين بقوله: {أوْ يَزِيدُونَ} هم بقية سكان (نينوَى)...

تفسير الشعراوي 1419 هـ :

كأن الحق سبحانه يقول لنا: إياكم أنْ تظنوا أن ما حدث من يونس يقدح في رسالته، أو يجعلنا نغير رأينا فيه كرسول، فهو مرسل إلى {مِئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} والمائة ألف هنا قد تكون كناية عن العدد الكثير؛ لأن الألف قديماً كان منتهى ما يُعرف من العدد عند الناس...

وقوله تعالى: {أَوْ يَزِيدُونَ} هل الحق سبحانه لا يعرف عدد هؤلاء القوم على وجه التحديد؟ نعم يعرفهم سبحانه وتعالى، ولو أراد لذَكَرهم لنا تحديداً، إنما قوله {أَوْ يَزِيدُونَ} ليس للدلالة على الزيادة، إنما لتأكيد العدد السابق المائة ألف، كما أعطيت فلاناً حقه ويزيد، فأنت لا تتحدثُ عن الزيادة إنما تؤكد على العدد، وأنه غَيْرُ ناقص؛ لأن الألفَ يُطلَق أيضاً على ما يقرب الألف مثل تسعمائة وتسعة وتسعين، إذن: فالزيادة هنا تؤكد تمام العدد.