تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته [إخفاء]  
{وَأَنۢبَتۡنَا عَلَيۡهِ شَجَرَةٗ مِّن يَقۡطِينٖ} (146)

139

المفردات :

يقطين : شجرة القرع العسلي ، وليس لها ساق تقوم عليه .

التفسير :

146- { وأنبتنا عليه شجرة من يقطين } .

أنبتنا عليه مظلّة له كالخيمة تقيه من الحر والبرد ، وأكثر المفسرين على أنها شجرة القرع ، وتسمى ( الدُّباء ) : القرع العسلي ، وقيل : شجرة الموز يتغطى بورقها ، ويستظل بأغصانها ، فتقيه لفح الشمس ووهجها ، وبرد الصحراء ، ويأكل من ثمارها فتغنيه عن طلب الغذاء من أي جهة أخرى ، وقيل : اليقطين شجرة التين .

والخلاصة : أنها شجرة أنبتت من أجله ، لتقدم له الرعاية ، وكل ما يحتاج إليه كمعجزة إلهية .

وذكر الزمخشري : أنه قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم : إنك لتحب القرع ، قال : " أجل هي شجرة أخي يونس ، وإنّها تشد قلب الحزين "

وذكر القرطبي : عن انس – رضي الله عنه – قال : قُدّم للنبي صلى الله عليه وسلم مرق فيه دباء وقديد ، فجعل يتَّبع الدُّباء حول القصعة ، قال أنس : فلم أزل أحب الدُّباء من يومئذ{[559]} . - أخرجه الأئمة .


[559]:فلم أزل أحب الدباء من يومئذ: رواه البخاري في البيوع (2092) من حديث أنس بن مالك قال: إن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام صنعه قال: أنس بن مالك: فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ذلك الطعام فقرب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خبزا ومرقا فيه دباء وقديد، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتتبع الدباء من حوالي القصعة قال: فلم أزل أحب الدباء من يومئذ.
 
نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي - البقاعي [إخفاء]  
{وَأَنۢبَتۡنَا عَلَيۡهِ شَجَرَةٗ مِّن يَقۡطِينٖ} (146)

{ وأنبتنا } : أي بعظمتنا في ذلك المكان لا مقتضى للنبات مطلقاً فيه فضلاً عما لا ينبت إلا بالماء الكثير .

ولما كان سقمه متناهياً بالغاً إلى حد يجل عن الوصف ، نبه عليه بأداة الاستعلاء فقال : { عليه } أي ورفعناها حال إنباتنا إياها فوقه لتظله كما يظل البيت الإنسان . ولما كان الدباء من النجم ، وكان قد أعظمها سبحانه لأجله ، عبر عنها بما له ساق فقال : { شجرة } ولما كانت هذه العبارة مفهمة لأنها مما له ساق ، نص على خرق العادة بقوله : { من يقطين } : أي من الأشجار التي تلزم الأرض وتقطن فيها وتصلح لأن يأوي إليها ويقطن عندها حتى يصلح حاله ، فإنه تعالى عظمها وأخرجها عن عادة أمثالها حتى صارت عليه كالعريش ، واليقطين : كل ما يمتد وينبسط على وجه الأرض ولا يبقى على الشتاء ولا يقوم على ساق كالبطيخ والقثاء ، والمراد به هنا - كما قاله ابن عباس رضي الله عنهما شجرة القرع لعظم ورقها وبرد ظلها ونعومة ملمسها وأن الذباب لا يقربها ، قال أبو حيان : وماء ورقه إذا رش به مكان لا يقربه ذباب أصلاً ، وقال غيره : فيه ملاءمة لجسد الإنسان حتى لو ذهبت عظمة من رأسه فوضع مكانها قطعة من جلد القرع نبت عليها اللحم وسد مسده ، وهو من قطن بالمكان ، إذا أقام به إقامة زائل لا ثابت .