فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَأَرۡسَلۡنَٰهُ إِلَىٰ مِاْئَةِ أَلۡفٍ أَوۡ يَزِيدُونَ} (147)

{ وأرسلناه إلى مِاْئَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ } هم قومه الذين هرب منهم إلى البحر ، وجرى له ما جرى بعد هربه ، كما قصه الله علينا في هذه السورة ، وهم : أهل نينوى .

قال قتادة : أرسل إلى أهل نينوى من أرض الموصل . وقد مر الكلام على قصته في سورة يونس مستوفى ، و{ أو } في { أو يزيدون } قيل : هي بمعنى الواو ، والمعنى : ويزيدون . وقال الفراء : أو هاهنا بمعنى : بل ، وهو قول مقاتل ، والكلبي . وقال المبرد ، والزجاج ، والأخفش : أو هنا على أصله ، والمعنى : أو يزيدون في تقديركم إذا رآهم الرائي قال : هؤلاء مائة ألف أو يزيدون ، فالشك إنما دخل على حكاية قول المخلوقين . قال مقاتل ، والكلبي : كانوا يزيدون عشرين ألفاً . وقال الحسن : بضعاً وثلاثين ألفاً . وقال سعيد بن جبير : سبعين ألفاً . وقرأ جعفر بن محمد ، " ويزيدون " بدون ألف الشك .

وقد وقع الخلاف بين المفسرين : هل هذا الإرسال المذكور هو الذي كان قبل التقام الحوت له ، وتكون الواو في { وأرسلناه } لمجرد الجمع بين ما وقع له مع الحوت ، وبين إرساله إلى قومه ، من غير اعتبار تقديم ما تقدم في السياق ، وتأخير ما تأخر ، أو هو إرسال له بعد ما وقع له مع الحوت ما وقع على قولين ؟ وقد قدمنا الإشارة إلى الاختلاف بين أهل العلم هل كان قد أرسل قبل أن يهرب من قومه إلى البحر ، أو لم يرسل إلا بعد ذلك ؟ والراجح : أنه كان رسولاً قبل أن يذهب إلى البحر كما يدل عليه ما قدمنا في سورة يونس ، وبقي مستمراً على الرسالة ، وهذا الإرسال المذكور هنا هو بعد تقدم نبوته ورسالته .

/خ148