لن تنفعكم أرحامكم : لن تفيدكم قراباتكم .
ولا أولادكم : الذين توالون المشركين لأجلهم .
يفصّل : يقضي ويحكم ، وقرئ ( يُفصل ) بالبناء للمجهول مع التشديد أو التخفيف .
3- { لَنْ تَنْفَعَكُمْ أَرْحَامُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَفْصِلُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } .
لن تنفعكم قرابتكم ولا أولادكم يوم القيامة ، إذا خنتم المسلمين وأفشيتم أسرارهم من أجل أقربائكم وأولادكم ، فمن وجد كلّ شيء ، ومن فقد الله كل شيء ، وكان حاطب بن أبي بلتعة قد أفشى سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أجل أسرته وأهله وولده ، فقال الله له : إذا أغضبت ربك ونبيك ، وضعفت من أجل أولادك ، فإن هؤلاء لن ينفعوك يوم القيامة ، بل الذي ينفعكم هو ما آمركم به ، فاستقيموا على هدايتي وتوجيهي ، فإنني بصير بأعمالكم ، خبير بأسراركم ، وسأجازيكم على أعمالكم ، بالإحسان إحسانا ، وبالسوء سوءا .
وقريب من معنى الآية قوله تعالى : { يوم يفرّ المرء من أخيه*وأمه وأبيه*وصاحبته وبنيه*لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه } . ( عبس : 34-37 ) .
{ لن تنفعكم أرحامكم } قراباتكم ، { ولا أولادكم } الذين توالون المشركين من أجلهم ، وتتقربون إليهم محاماة عنهم بشيء من النفع . { يوم القيامة } الذي يفر المرء فيه من أخيه وأمه وأبيه . ثم قال تعالى : { يفصل بينكم } أي يفرق بينكم وبين أرحامكم وأولادكم بما يكون فيه من الهول الموجب لفرار كل منكم من الآخر . ويجوز أن يتعلق { يوم القيامة } بالفعل بعده .
ولما كانت عداوتهم معروفة وإنما غطاها محبة القرابات لأن الحب للشيء يعمي ويصم ، فخطأ رأيهم في موالاتهم بما أعلمهم به من حالاتهم{[64461]} ، زهد فيها مما يرجع إلى حال من والوهم لأجلهم بما تورثه من الشقاء الدائم يوم البعث ، فقال مستأنفاً إعلاماً بأنها خطأ على كل حال : { لن تنفعكم } أي بوجه من الوجوه{[64462]} { أرحامكم } أي قراباتكم الحاملة لكم على رحمتهم والعطف ، { ولا أولادكم } الذين هم أخص أرحامكم إن واليتم أعداء الله لأجلهم فينبغي أن لا تعدوا قربهم منكم بوجه أصلاً ، ثم علل ذلك وبينه بقوله : { يوم القيامة } أي القيام الأعظم .
ولما كان النافي للنفع وقوع الفصل لا كونه{[64463]} من فاصل معين قال بانياً للمفعول على قراءة أبي عمرو ونافع وابن كثير وأبي جعفر وابن عامر{[64464]} من أكثر طرقه إلا أن شدد الصاد للمبالغة في الفصل : { يفصل } أي يوقع الفصل وهو الفرقة العظيمة بانقطاع جميع الأسباب { بينكم } أي أيها الناس فيدخل{[64465]} من شاء من أهل طاعته الجنة ، ومن شاء من أهل معصيته النار ، فلا ينفع أحد أحداً منكم بشيء من الأشياء إلا إن كان قد{[64466]} أتى الله بقلب سليم فيأذن الله في إكرامه بذلك .
ولما كان التقدير إعلاماً بأن الله هو الفاصل وهو الضار النافع بما دلت عليه{[64467]} قراءة الباقين إلا أن حمزة والكسائي بضم الياء وفتح الفاء وكسر الصاد مشددة إشارة إلى عظمة هذا الفصل بخروجه عن المألوف عوداً إلى الاسم الأعظم إشارة إلى عظم الأمر بانتشار الخلائق وأعمالهم : فاللّه على ذلك قدير ، عطف عليه{[64468]} قوله : { والله } أي الذي له الإحاطة{[64469]} التامة { بما تعملون } أي من كل عمل في كل وقت { بصير * } فيجازيكم عليه في الدنيا والآخرة ، وقد مضى غير مرة أن تقديم الجار في مثل هذا للتنبه على مزيد الاعتناء بعلم ذلك لا على الاختصاص ولا لأجل الفواصل .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.