أغنى وأقنى : أغنى من شاء ، وأفقر من شاء ، وأعطاه القنية ، وهي ما يبقى من المال .
48- { وَأَنَّهُ هُوَ أَغْنَى وَأَقْنَى } .
هو سبحانه يغني من يشاء من عباده ، ويفقر من يشاء ، بحسب ما يراه سبحانه بحكمته .
قال تعالى : { وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِنْ يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ } . ( الشورى : 27 ) .
قوله تعالى : { وأنه هو أغنى وأقنى } قال أبو صالح : أغنى الناس بالأموال وأقنى ، يعني : أعطى القنية وأصول الأموال وما يدخرونه بعد الكفاية . قال الضحاك : أغنى بالذهب والفضة وصنوف الأموال بالإبل والبقر والغنم . وقال قتادة والحسن : أقنى : أخدم . وقال ابن عباس : أغنى وأقنى : أعطى فأرضى . قال مجاهد ومقاتل : أقنى : أرضى بما أعطى وأقنع . وقال ابن زيد : أغنى : أكثر وأقنى : أقل ، وقرأ : { يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر } ( الرعد-26 ) وقال الأخفش : أقنى : أفقر . وقال ابن كيسان : أولد .
" وأنه هو أغنى وأقنى " قال ابن زيد : أغنى من شاء وأفقر من شاء ثم قرأ " يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له{[14436]} " [ سبأ : 39 ] وقرأ " يقبض ويبسط{[14437]} " [ البقرة : 245 ] واختاره الطبري . وعن ابن زيد أيضا ومجاهد وقتادة والحسن : " أغنى " مول " وأقنى " أخدم . وقيل : " أقنى " جعل لكم قنية تقتنونها ، وهو معنى أخدم أيضا . وقيل : معناه أرضى بما أعطى أي أغناه ثم رضاه بما أعطاه ، قاله ابن عباس . وقال الجوهري : قني الرجل يقنى قِنًى ، مثل غني يغنى غنى ، وأقناه الله أي أعطاه الله ما يقتنى من القِنْيَةِ والنشب . وأقناه الله أيضا أي رضاه . والقِنَى الرضا ، عن أبي زيد ، قال : وتقول العرب : من أعطي مائة من المعز فقد أعطي القِنَى ، ومن أعطى مائة من الضأن فقد أعطي الغنى ، ومن أعطى مائة من الإبل فقد أعطي المُنَى . ويقال : أغناه الله وأقناه أي أعطاه ما يسكن إليه . وقيل : " أغنى وأقنى " أي أغنى نفسه وأفقر خلقه إليه ، قاله سليمان التيمي . وقال سفيان : أغنى بالقناعة وأقنى بالرضا . وقال الأخفش : أقنى أفقر . قال ابن كيسان : أولد . وهذا راجع لما تقدم .
ولما كان الغنى والفقر من الأمور المتوسطة بين الاختيارية والاضطرارية له بكل الأمرين لسبب وكان مقسوماً بين الإناث والذكور بحكمة ربانية لا ينفع الذكر فيها قوته ولا يضر الأنثى ضعفها ، وكان ذكر النشأة الآخرة كالمعترض إنما أوجب ذكر النشأة الأولى ، تعقب ذكرهما به وكان ذكر الغنى مع أنه يدل على الفقر أليق بالامتنان ، والنسبة إلى الرب ، وكان الغنى الحقيقي إنما يكون في تلك الدار ، أخر ذكره فقال : { وأنه } ولما كان ربما نسب إلى السعي وغيره ، أكد بالفعل فقال : { هو } أي وحده من غير نظر إلى سعي ساع ولا غيره { أغنى } ولما كان الغنى في الحقيقة إنما هو غنى النفس ، وهو رضاها بما قسم{[61743]} لها وسكونها وطمأنينتها ، وإنما سمي ذو المال غنياً لأن المال بحيث تطمئن معه النفس ، فمن كان راضياً بكل ما قسم الله به فهو غني ، وهو في الجنانة مغني وإن كان في الدنيا { وأقنى * } أي أمكن من المال وأرضى بجميع الأحوال قال البغوي{[61744]} : أعطى أصول المال وما يدخر بعد الكفاية ، قال : وقال الأخفش أقنى أفقر - انتهى . ونقل الأصبهاني مثله عن أبي زيد ، فتكون الهمزة للإزالة{[61745]} ويقال ، أفناه بكذا أرضاه ، وأقناه الصد : أمكنه منه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.